كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

(أولى بالمؤمنين من أنفسهم) وجعل أزواجه كالأمهات لهم. وكانت بركاته على أمته أعظم من بركة رجل يأتي إلى قوم في فلاة سبعة لا يؤمن شرها ولا يهتدي إلى الخروج منها، فيرشدهم إلى طريق ويعرفهم وجوه الاحتراز من تلك السباع، ويقوم عليهم أحسن القيام حتى يأمنوا ويخرجوا منها سالمين.
ومعلوم أن من كان يمثل هذه المعونة لم ير أن حقه يقضي، وإن تنكره يؤذي، فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أرسل الناس إلى ما يسلمون به في الدنيا من غوائل الشيطان وشرور أنفسهم الأمارة بالسوء في الآخرة من الخلود في النيران، فإن كان حب من يوالي ويحب يتبع مواضيع فضله ومواقع نفعه، فلا أحد ينظر النظر الذي وصفنا إلا ويحب النبي صلى الله عليه وسلم، أكثر من حبه لنفسه وأبيه وأمه، ويعلم أن تلك وإن بالغ فيه دون حقه وبالله التوفيق.
وأما بيانه وفصاحته فأشهر وأظهر من أن نحتاج إلى وصفه، ولو لم يكن على ذلك دلالة سوى أن الله تعالى نصبه منصب البيان لكتابه فقال:} وأنزلنا إليك الذكر {ليبين للناس كتابه والكشف عن معاني خطابه.
وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن سحائب مرت أحقًا أم وميضًا أم يستق سقاء. فقالوا: اسق سقاء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاء الحياء، وإن القوم قالوا: ما أفصحك يا رسول الله. قال: حق لي، وإنما أنزل القرآن بلساني).
ويحتمل أن يكون هذا إشارة إلى ما جاء إن القرآن نزل بلغة قريش، إني كنت قرشيًا، ولغة قريش أفصح اللغات وكذلك نزل القرآن بها فحق إلى أن أكون فصيحًا وإذا تتبع ما في كتبه ومحاوراته من الألفاظ الجزلة، وجدت كثيرة، فمنها كتابه لوائل ابن حجر الخضرمي:
(من محمد رسول الله إلى الاقبال العياهلة من أهل حضرموت باقام الصلاة وإيتاء الزكاة

الصفحة 77