كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

وأما براءته صلى الله عليه وسلم في النبوة، فمنها أنه كان رسول الثقلين. وأما الأنس فإن الله عز وجل قال:} قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا {"وأمره أن يقول} وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ {. وأما الجن فإن الله تعالى يقول له.} وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن، فلما حضروه قالوا. انصتوا، فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا: يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه، يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم {.
وقال:} قل أوحي إلى أنه اجتمع نفر من الجن فقالوا: إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا {فبان بقولهم، يا قومنا أجيبوا داعي الله أنهم عرفوا أنه مبعوث إليهم وسمعوا دعوته إياهم، والذين لم يحضروه من جملتهم، فلذلك قالوا: يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به. فقالوا: آمنا به.
فإن قيل: ما أنكرتم أنه كان مبعوثًا إلى العرب وحدهم، لقول الله عز وجل:} وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه {فلما كان عربي اللسان، علمنا أن قومه كانوا من العرب، وذلك لا يمنع أن يكون مبعوثًا إلى غيرهم فيؤدي إليهم على لسان نبيه، ويأمرهم أن يبلغ نم وراءه.
ألا ترى أن موسى وعيسي عليهما السلام بعثا إلى بني إسرائيل، فلو كان من جملتهم جماعة ولدا بين ظهران العرب، وكان لسانهم لسان العرب دون العبرية والسورية لكان رسولاً إليهم. ألا ترى أن عيسى صلوات الله عليه كان رسولاً إلى الروم، والروم لم يكونوا يعرفون السورية، وعيسى عليه السلام لم يكن يعرف اليونانية، وغير هذا من اللغات بالروم، والإنجيل لم يكن نزل بجميع اللغات ولا التوراة بالعبرية، والإنجيل بالسورية، وقد أوجبتم أن يكون الروم محجوجين بهما، ولسانهم غير هذين اللسانين. فإن كل واحد من موسى وعيسى مرسل إلى الروم. فلا ينكر أن يكون نبينا صلى الله عليه وسلم مبعوثًا إلى بني إسرائيل وغيرهم

الصفحة 80