كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

إلى الإسلام لم يمكنه أن يقول: أنه يعرض لدعوتهم من غير أن يكون رسولاً إليهم، وادعى أنه مرسل إليهم من غير أن يكون كذلك بالحقيقة لم يلزمه أن يصدقه. فإنه إن أجاز عليه الكذب انتقض إثباته أن يكون رسولاً إلى العرب وإذا أثبت رسالته إلى العرب لزمه تصديقه على عامة ما يخبر به عن الله تعالى. وإذا قال (إني رسول الله إلى الناس كلهم وإلى الجن معهم) لزم تصديقه وبالله التوفيق.
وأما تبليغ إبليس فإنه إن كان بعث قد بلغه، وإن كان لم يلقه فإنما بلغ الجن الذين لقيهم على شرط أن يبلغ شاهدهم غائبهم، كما كان كذلك يبلغ من يحضره من الناس ويقول: (ألا فليبلغ الشاهد الغائب) فأي وقت بلغت يأجوج ومأجوج فيه دعوته، فقد صاروا مبلغين.
وقد أخبر الله تعالى أن السد الذي بيننا وبينهم سدل يومًا، ووردت الأخبار بأنهم يخرجون، فإذا خرجوا وراء المسلمين، وحاط بهم إمامهم يومئذ أو سلطانهم وعرفهم أن الغيث الذي هم فيه حرام لا يرض به الله تعالى، فقد بلغتهم الدعوة. ومن أنكر ما قلنا وزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول على العرب خاصة، لم يمتنع أن يكون رسولاً إلى الموجودين، كانوا يومئذ، وإلى من يوجد من أولادهم، وأولاد أودلاهم، معلوم أنه لم يكن له إلى التبليغ إلى الأصحاب قبل أن يكونوا سبيل. ولكن دعوته إذا بلغتهم عند وجودهم صار في ذلك الوقت مبلغًا بتبليغ غيره عنه بإرشاده وتعليمه، فكذلك هذا في يأجوج ومأجوج وبالله التوفيق.
وأما أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. فإن الله تعالى يقول:} ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين {كان خاتم الرسل لأن كل نبي، وإن لم يكن نبي رسولاً. وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه. (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقال (بعثت أنا والساعة كهاتين) وقد تقدم تفسيره. فإن قيل: فإن

الصفحة 82