كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

ومعنى ولا فخر، أي ولا أقوله متطاولاً ولا متمدحًا على أحد. ولم يرد أنه لا فخر له فيه، فإن له منه أعظم الفخر.
ووجه ثامن: وهو أنه في الدنيا أكثر الأنبياء صلوات الله عليهم إعلامًا ومعلوم إن أقل الأعلام إذا كان يوجب الفضيلة له، فإن كثرة الأعلام توجب كثرة الفضيلة، وكثرتها توجب لصاحبها اسم الأفضل. وقد ذكر بعض المصنفين. إن إعلام نبينا صلى الله عليه وسلم تبلغ ألفًا، وفيها مع كثرتها معنى آخر وهو أنه ليس في شيء من أعلام المتقدمين ما ينحو نحو اختراع الأجسام، وإنما ذلك في إعلام نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة مثل ما سنبين من إعلامه المشهورة دون ما نحتاج إلى تتبعه والتقاطه من الكتب المتفرقة أسأل الله التوفيق.
وهذا ذكرها:
أولها: القرآن المجيد المنزل من عند الوحي الحميد، وقد تقدم في الأبواب السالفة ذكره.
ومنها: (ما روى إن فاطمة عليها السلام دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأخبرته إن ملأ من قريش في الحجر يتعاقدون لو رأوك ليقتلوك.
فقال: اتيني بوضوء، فتوضأ وخرج إلى المسجد فلما رأوه قالوا: ها هو ذا، وطأطأوا رؤوسهم وسقطت أقانهم بين أيديهم، فلم يرفعوا إليه أبصارهم، فتناول النبي صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب مجمرتهم وقال: شاهت الوجوه، فما أصاب رجلاً منهم حصاة إلا قتل يوم بدر كافرًا).
ومنها: ما أشار إليه الكتاب من قوله عز وجل:} وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا {. وروى أنه لما نزلت} تبت يدا أبي لهب وتب {جاءت امرأة أبي لهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأبو بكر جالس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أبو بكر قال: (يا رسول الله امرأة بذيئة، وأنا أخاف أن تؤذيك. قال: أنها لن تراني، وقرأ قرآنًا اعتصم به. فجاءت فقالت: يا أبا بكر، هجاني صاحبك. فقال أبو بكر وما يقول الشعر: قالت فإنك عندي مصدق وانصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما رأتك؟ قال: ما زال الملك يسترني منها بجناحه).

الصفحة 88