كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

ومنها ما روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الغار، أمر الله عز وجل العنكبوت فنسجت على مدخل الغار، وأمر حمامتين فوقعتا بفم الغار، وأقيل فتيان قريش من كل بطن رجل، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ذراعًا، فجعل ينظر في الغار، فرأى حمامتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: مالك لم تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين بفم الغار فخلت أن ليس فيه أحد. وقال: أمنه ابن أبي بكر يعرف النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد درأ عنه.
ومنها أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم اسقفا نجران: السيد والعاقب، ويقال: الطبيب والعاقب، فدعاهما إلى الإسلام، فامتنعا، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه الغداة. فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيبا أو قالا ومر عليهما يعوذ بالله، فقال: فإن أبيتم فاعطوا الجزية، فقبلوها، فجعل عليهم كل سنة ألفي حلة، ألف في رجب، وألف في صفر.
ومنها: أن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود:} إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين {ثم أخبره أنهم لا يتمنوه قال:} ولن يتمنوه أبدًا بما قدمت أيديهم {فلم يتمن أحد منهم الموت ولا أطلق به لسانه، فدل ذلك على أنهم صرفوا عنه وحيل بينهم وبينه ليحق خبر الله الذي أخبر به عنه نبيه صلى الله عليه وسلم، إذ لو لم يصرفوا عنه لابتدروا إليه، وكان دفعهم إياه به أهون من تكلف الحروب له.
ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا أعرابي في غنم له إذ عدا الذئب فأخذ بشاة منها، فأدركه فاستنقذ منه، فعانده الذئب يمشي واقعي مستقرًا بذنبه ثم استقبله وقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله فأخذته مني. فصقق الإعرابي بيده وقال: والله ما رأيت كاليوم قط. فقال له الذئب: وما يعجبك، قال: والله ما يزيدني إلا عجبًا، لم لا أعجب من ذئب يخاطبني. فقال: والله إنك لترى أعجب من ذلك قال: وما أعجب من ذلك؟ قال: نبي الله في النخيلات بين الحرتين يحدث الناس قرآنًا، ما

الصفحة 92