كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

فلو حملت منه يومئذ ومر بعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل علي إلا أن يخفوا.
ومنها ما يرويه أنس رضي الله عنه قال: فزع الناس فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا لأبي طلحة بطيئًا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون، فقال لي: فراعوا أنه لبحر. قال: والله ما سبق بعد ذلك اليوم.
ومنها: إن صوته كان يبلغ حيث لا يبلغه صوت البشر، فروى أنه خطب بمنى وكان الناس في منازلهم يسمعون ما يقولون، وأنه جلس على المنبر يوم الجمعة فقال: اجلسوا فسمع عبد الله بن رواحة قوله وهو في بني تميم، فجلس. فقيل له: يا رسول الله! ذاك عبد الله بن رواحة جالس في بني تميم سمعك وأنت تقول للناس اجلسوا، فجلس في مكانه وليس معنى هذا أنه كان أندى صوتًا من سائر الناس بمقدار تباين العادات، وإنما معناه أن صوته على ما كان عليه من موافقة أصوات أهل بيته وصحابته كان يخلص إلى الأسماع البعيدة. ولهذا تعجب الناس من سماع ابن رواحة قوله اجلسوا. فإنه لو كان صرخ بهذا القول لم يكن في سماع ابن رواحة إياه. وهو بحيث يذكره أنصار من عند المنبر موضع تعجب والله أعلم.
ومنها ما روى: أن النبي صلى الله عليه وسلم بزق في بئر كانت في دار أراس فلم يكن في المدينة بئر أعذب منها.
ومنها أنه دعا على مضر، فقال: (اللهم أشدد وطأتك على مضر، واجعلها سنين كسني يوسف) أصابتهم السنة حتى هلكوا، فاكلوا الميتة والعظام، ويرى الرجل ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان.
وقيل: إن الذين أنذرهم الله عز وجل إياه بقوله} فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين {. كان هذا. وأن البطشة الكبرى اصطدام صناديد يوم بدر.

الصفحة 99