كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 2)

• أخبرنا مالك: وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا زيد بن أسْلَم، العدوي، مولى (ق 269) عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، من الطبقة الثالثة من التابعين، مات سنة ست وثلاثين ومائة من الهجرة، حدثنا عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدْرِي، أي: سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي، ثقة، من الطبقة الثالثة من طبقات الصحابة، له سبع وسبعون سنة، مات سنة اثنتي عشرة، عن أبيه، أي: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفيه رواية الصحابي عن الصحابي، فإن عبد الرحمن صحابي، كما كان أبوه أبو سعيد الخدري صحابيًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يَدعْ أي: فلا يترك، بل يمنع أحدًا لئلا يمرّ بين يديه، أي: المصلي، ولابن أبي شيبة عن ابن مسعود: إن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته، فإن أبَى أي: إن لم يطع قول الدافع، بل أراد المرور، فليُقاتِله، بكسر اللام الجازمة وسكونها، أي: فليدفعه بالتسبيح أو بالإِشارة، إن عدم سترة أو يريد أن يمر بينه وبينها؛ لما في الصحيح من حديث أبي هريرة: "من نابه" أي: قاربه "شيء في صلاته فليسبح؛ فإنه إذا سبح التفت إليه وامتنع من المرور". كذا قاله علي القاري.
وقال القرطبي: أي: يزيد في دفعه الثاني أشد من الأول، وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح، لمخالفة ذلك لقاعدة الإِقبال على الاشتغال بها، والخشوع فيها، وقال أبو عمر ابن عبد البر: أحسبه خرج عن التغليظ، فإذا دفعه مدافعة يقصد بها قتله فمات فالدية في ماله، وقيل: على عاقلته، وقيل: هدر ولا قود؛ لأن أصله مباح، انتهى.
وأطلقت جماعة من الشافعية أن له قتاله حقيقة، واستبعده في "القبر" (¬1) وقال: المراد من المقاتلة: المدافعة، وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: يحتمل أن يريد: فليلعنه كما قال تعالى في سورة الذاريات: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10]، أي: لُعِنَ الكذابون، ويحتمل أن يريد: يؤاخذه ويؤدبه على ذلك بعد تمام صلاته، لما روى ابن ماجه عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله بن عمر، أو عمر بن أبي سلمة، فقال: بيده، أي: أشار بها، فرجع، فمرت زينب بنت أبي سلمة، فقال بيده، أي: أشار بها، فمضت، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هن
¬__________
(¬1) كذا في المخطوطة.

الصفحة 13