كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 2)
وفي رواية ابن أبي شيبة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن مرسلًا: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من ذلك لأحب أن ينكسر فخذه، ولا يمر بين يديه".
قال محمد: يكره أن يمرّ الرجل أي: فضلًا عن المرأة بين يدي المصلي، أي: قدامه فإن أراد أن يمرّ بين يديه، فَلْيَدْرأه أي: فليدفع الرجل عنه، أي: عن مروره ما استطاع أي: ما قدر عليه من تسبيح أو إشارة أو مدافعة بلطف عن مروره، ولا يقاتله، أي: لا يقصد ضربه، فإنه أي: المصلي إن قاتله أي: المار كان ما أي: إثم ضربه المار وقتله يدخل أي: المصلي عليه أي: على إثم الضرب والقتل في صلاته من قتاله، أي: من قتال نفس المصلي بيانًا لما إياه أي: المار أشد منصوب على أنه خبر كان عليه أي: على المصلي من إشغال أن يمرّ هذا أي: المار بين يديه، ولا نعلم أحدًا أي: والحال لا نعلم من أصحاب أبي حنيفة أحدًا من الصحابة روي أي: في هذا الحديث قتاله، أي: مما يؤدي إلى قتاله من لفظ فليقاتله، إلَّا ما رُوِيَ أي: حديث روي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، رضي الله عنه، فيكون مما تفرد به، فمتن حديثه شاذ بسببه، والحديث الشاذ الذي له إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ ثقة، كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج، كذا قال أهل الحديث، وليست العامّة أي: عامة الرواة من العلماء، أو جمهور الفقهاء عليها أي: على المقاتلة لا مبين ومعين، ولكنها أي: المقاتلة المفهومة من حديث فليقاتل، محمولة على ما وصَفْت لك من المدافعة، وهو أي: ما وصفه الإِمام محمد قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
* * *
275 - أخبرنا مالك، حدثنا الزُّهْرِي، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، أنه قال: لا يقطع الصلاة شيءٌ.
قال محمد: وبه نأخذ، لا يقطع الصلاة شيءٌ مِمّا مرّ بين يَدَي المصلي، وهو قولُ أبي حنيفة.
¬__________
(275) صحيح، أخرجه: مالك (358)، والبيهقي في الكبرى (3604).
الصفحة 16
523