كتاب التكملة لكتاب الصلة (اسم الجزء: 2)

الْحَسَن بْن مشرف الْأنمَاطِي وَأبي طَاهِر السلَفِي وَغَيرهم وَانْصَرف إِلَى مرسية بَلَده فولي صَلَاة الْفَرِيضَة بجامعها وَتزَوج حِينَئِذٍ بِنْت أَبِي عليّ بْن سكرة شيخة وَكَانَ أَبُوها قَدْ تَركهَا فِي رضاعها وَنهى عَن تَعْجِيل فطامها فَولدت لَهُ ابْنه أَبَا بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه وَكَانَ شَيخا فَاضلا خيرا متواضعًا من أهل النباهة تخيره أهل بَلَده للْإِمَامَة بهم لما كَانَ عَلَيْهِ من حسن السمت وبراعة الْهَدْي وَصدق الْخُشُوع وَصمت الإخبات وسلامة الْبَاطِن فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ حَيَاته كلهَا لقِيه أَبُو عمربن عياد وَهُوَ من جلة مشايخه وَحكى عَنْهُ عنْ أَبِي عَبْد اللَّه الرَّازِيّ عنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أخبرهُ أَن قَاضِي البَرلس وَهِي قَرْيَة من قرى النّيل وَكَانَ رجلا صَالحا خرج ذَات لَيْلَة إِلَى النّيل فَتَوَضَّأ وأسبغ الْوضُوء ثُمَّ قَامَ فقرن قَدَمَيْهِ وَصلى مَا شَاءَ اللَّه أَن يُصَلِّي فَسمع قَائِلا يَقُولُ
(لَوْلَا أنَاس لَهُم سرد يصومونا ... وَآخَرُونَ لَهُم ورد يقومونا)
(لزلزلت أَرْضكُم من تحتكم سحرًا ... لأنكم قوم سوء لَا تبالونا)
قَالَ فتجوزت فِي صَلَاتي وأدرت طرفِي فَمَا رَأَيْت شخصا وَلَا سَمِعْتُ حسا فَعلمت أَن ذَلِكَ زاجرٌ من اللَّه تَعَالى قَالَ ابْنُ عياد وأنشدنا الْفَقِيه أَبُو عَبْد اللَّه بمنزله بمرسية ونقلته من خطه قَالَ أَنْشدني أَبُو عَامر اللباتي وَهُوَ أَخُو الْأُسْتَاذ أَبُو بَكْر بْن اللباتي قَالَ دخلت بعض المراسي فِي الثغر فَوجدت فِي حجر مَنْقُوشًا أَرْبَعَة أَبْيَات من الشّعْر فَسَأَلت عنْ منشدها فَقيل لي هُوَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي دِرْهَم من أهل وشقة أَعَادَهَا اللَّه وَكَانَ أَبُو بَكْر هَذَا قَدْ حج وَأَرَادَ العودة فَأَنْشَأَ يَقُولُ
(نزلت ولي أمَلٌ عودةٌ ... ولكنني لست أَدْرِي مَتَى)
(ودافعني قدَرٌ لم أطقْ ... دفاعًا لمكروهه إِذْ أَتَى)
(ومَن أمرُه فِي يديْ غيرِه ... سيغلب إِن لَان أَوْ إِن عتا) (فيا نازلًا بَعدنَا هَا هُنَا ... نحييك إِن كنت نعم الْفَتى)
هَكَذَا قَرَأت هَذِهِ الْحِكَايَة بِخَط أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي عُمَر بْن عياد عنْ أَبِيهِ

الصفحة 267