كتاب التكملة لكتاب الصلة (اسم الجزء: 2)

الْفضل بْن عياد وَأَبُو جَعْفَر بْن الباذش وَأَبُو بَكْر بْن طَاهِر وَغَيرهم وَمن أهل الْإسْكَنْدَريَّة أَبُو طَاهِر السلَفِي وَأَبُو عبد الله بْن أَبِي سَعِيد السَّرقسْطِي وَمن المهدية أَبُو عبد الله الْمَازرِيّ وَفِي شُيُوخه كَثْرَة وَجل رِوَايَته عَنْ أبي بَكْر بْن الْعَرَبِيّ مِنْهُم حكى أَبُو سُلَيْمَان بْن حوط اللَّه أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع كتبا كَثِيرَة تزيد عَلَى الْمِائَة وأشبه أَبَا الْقَاسِم بْن بشكوال فِي إكثاره عنِ ابْنِ عتاب ويحكي أَن شُيُوخه كَانُوا يستحسنون قِرَاءَته وإيراده مَعَ صَلَاحه وانقباضه وَكَثِيرًا مَا سُمِعَ مِنْهُ الْعلم بقرَاءَته وَكَانَ الْغَايَة فِي الصّلاح والورع وَالْعَدَالَة وَالْفضل الْكَامِل كَانَ أَبُو الْقَاسِم بْن حُبَيْش يَقُولُ إِنَّه لم يخرج عَلَى قَوس المرية أفضل مِنْهُ يجمع إِلَى ذَلِكَ الْعِنَايَة بالرواية والمشاركة فِي الْمعرفَة بالقراءات وَولي الصَّلَاة وَالْخطْبَة بِجَامِع المرية ودعي إِلَى الْقَضَاء فَأبى وَامْتنع من ذَلِكَ وَخرج بعد تغلب الْعَدو عَلَى المرية إِلَى مرسية فدعي إِلَى ولايات زهد فِيهَا وَأبي مِنْهَا وَرغب فِي الخمول وَضَاقَتْ حَاله بهَا فَخرج إِلَى مالقة فَلم تقله فَأجَاز الْبَحْر إِلَى مَدِينَة فاس وَأقَام بهَا مُدَّة ثُمَّ انحدر إِلَى سبتة فاستوطنها وَأقَام بهَا بَقِيَّة عمره يقرىء الْقُرْآن وَيسمع الحَدِيث وبعُد صيته وَعلا ذكره فَكَانَ النَّاس يرحلون إِلَيْه للسماع مِنْهُ وَالْأَخْذ عَنْهُ لعلو إِسْنَاده ومتانة عَدَالَته وَكَانَ لَهُ ضبط وَتَقْيِيد يُعينهُ عَلَيْهِ حسن الْخط وبصر بصناعة الحَدِيث وَكَانَ نظراؤه يصفونه بجودة الْفَهم واستدعي إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان بالمغرب مراكش ليسمع هُنَالك فَتوجه وَأقَام بهَا حينا ثُمَّ اسْتَأْذن فِي العوْدِ إِلَى سبتة فأُذن لَهُ حدث عَنْهُ عالمٌ من الجلة الْأَعْلَام بالأندلس والعدوة فيهم عدَّة من شُيُوخنَا وَغَيرهم وأنشدنا أَبُو الرّبيع بْن سَالم قَالَ أنشدنا أَبُو مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه فِي مَسْجده بسبتة سنة 589 قَالَ أنشدنا أَبُو الْفضل جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن شرف لنَفسِهِ
(لعمرك مَا حصلت عَلَى خطير ... من الدُّنْيَا وَلَا أدْركْت شيا)
(وَهَا أَنَا خَارج مِنْهَا سليبًا ... أقلب نَادِما كلتا يديا)
(وأبكي ثُمَّ أعلم أَن مبكاي ... لَا يجدي فأمسح مقلتيا)
(وَلم أجزع لهول الْمَوْت لَكِن ... بَكَيْت لقلَّة الباكي عليَّا)
(وَإِن الدَّهْر لم يعلم مَكَاني ... وَلَا عرفت بنوه مَا لديَّا)
(زمانٌ سَوف أُنشرُ فِيهِ نشرًا ... إِذَا أَنَا بالحمام طُويت طيا)
(أُسَرُّ بأنَّني سأعيش مَيتا ... بِهِ ويسوؤني إِن مت حَيا)

الصفحة 280