كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ
وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ بِالْعِرَاقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ بِمِصْرَ وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَرَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ
قَالَ وَلَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا قَدْ حَمِدَ اللَّهَ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ فَضْلُهُ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا
وَكَذَلِكَ حَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَكَذَلِكَ حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ شَمَّتَ وَرَدَّ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ كَمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يُشَمِّتْ كَمَا لَا يُشَمِّتُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ فَإِنْ قِيلَ رَدُّ السَّلَامِ فَرْضٌ وَالصَّمْتُ لِلْخُطْبَةِ سُنَّةٌ قِيلَ لَهُ الصَّمْتُ فَرْضٌ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ فَرْضٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِالْخَاطِبِ وَالْمَخْطُوبِ عَلَيْهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّ الصَّمْتَ فَرْضٌ وَاجِبٌ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا مَعْمُولٌ بِهَا
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ وَلَغَا لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُقَالُ لَهُ صَلِّهَا ظُهْرًا فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى مَا وَصَفْنَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِهَا لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَنْ يَفْسَدَ الْعَمَلُ بِتَرْكِهَا فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
201 - وَذَكَرَ مَالِكٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ بن شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ

الصفحة 23