كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 2)

بدل المحل والمتلف في حقه محل واحد، وهو نظير رجلين قتلا عبداً لرجل خطأ، فعلى كل واحد منهما كفارة على حدة وقيمة واحدة للمالك عليهما، ولهذا قلنا: ما لزم المحرمين لله يسقط بالصوم، وهذا كفارة كونه كفارة.
محرم أخذ صيداً، وقتله محرم آخر في يده، فعلى كل واحد منهما الجزاء أما الآخذ؛ فلأنه جان على الصيد بإزالة الأمن، فإنه أثبت يده عليه، وأخذه وهو يخاف منه، وأما القاتل؛ فلأنه بالقتل قرر فوات الأمن؛ لأن فوات الأمن بالآخر كان يوحي الزوال بانفلات الصيد أو بإرسال الأخذ، وبالقتل يتقرر ذلك الفوات، وللتقرير حكم الإنشاء على ما عرف، ثم الآخذ يرجع على القاتل بما ضمن؛ لأن سبب ملك الصيد في حق الأخذ قد وجد، وهو الأخذ لكن لم يثبت له الملك المانع، وهو إحرام الصيد، وهذا المانع خص الصيد، فلا يصير الامتناع في حق بدله، كان الأصل صار مملوكاً له.
نوع منه فى لبس المخيط

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : لا يلبس المحرم قميصاً ولا قباء ولا سراويلاً ولا قلنسوة ولا خفين به ورد «الأثر (174ب1) عن رسول الله عليه السلام» رواه ابن عمر رضي الله عنهما، وما ذكر من الجواب في الفتيا محمول على ما إذا وضعه على منكبه وأدخل يديه في كميه وزره أو لم يزره، فأما إذا وضع على منكبيه ولم يدخل يديه في كميه، ولم يزره فلا بأس به عندنا؛ لأنه بمعنى التردي.
والأصل أن المحرم ممنوع عن لبس المخيط على وجه المعتاد حتى لو اتزر بالسراويل وارتدى بالقميص إذا فسخ به فلا بأس به؛ لأن المنع عن لبس المخيط في حق المحرم لما فيه من معنى الترفيه، وذلك في اللبس المعتاد لا في غيره؛ لأن غير المعتاد يحتاج إلى تكلف حفظه عند استعماله كما يحتاج إلى تكلف حفظ الأزرار، ويكره له أن يزر ليس أن يعقده على إزاره بحبل أو نحوه؛ لأنه لا يحتاج في حفظه إلى تكلف، فيشبه المخيط مع هذا لو فعل لا شيء عليه لأن المحرم عليه لبس المخيط ولم يوجد، ولا يلبس الجوربين كما لا يلبس الخفين وإذا لم يجد نعلين، وله خفان قطعهما أسفل الكعبين، وتعتبر الكعب هنا العظم المربع في وسط القدم عند معقد الشراك، وإنما أمر بذلك ليصيرا في معنى النعلين، وإذا لبس المحرم المخيط على وجه المعتاد يوماً إلى الليل فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة، وفسر الكرخي الصدقة ههنا فقال: نصف صاع من بر، قال: وكذلك كل صدقة في الإحرام غير مقدرة فيفسرها بهذا إلا في قتل القمل والجراد.

الصفحة 446