كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 2)

يقول: المعتبر هو الأول والثاني جابر له، ويستدل بفصل المحدث وبفصل أقرانه لو طاف جنباً لعمرته في رمضان، ثم أعاد طوافه في أشهر الحج، ثم حج من عامه ذلك لا يكون متمتعاً.

ولو كان المعتبر هو الطواف الثاني لكان متمتعاً، وكان الفقيه أبو بكر الرازي رحمه الله يقول: المعتبر هو الطواف الثاني، ويستدل بفصل ذكره محمد رحمه الله: أنه لو طاف للزيارة جنباً في أيام النحر، ثم أعاد طوافه بعد أيام التشريق، فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله لتأخير الطواف عن وقته، ولو كان المعتد به هو الأول، والثاني جابر لما لزمه التأخير؛ لأن الأول موجود في وقته، هذا إذا أعاد طواف الزيارة في أيام النحر، فإن أعادها بعد أيام النحر، فعلى الجنب الدم عند أبي حنيفة؛ لأنه أخر الطواف عن وقته، والتأخير عنده يوجب الدم وكذلك في الابتداء، لتأخير طواف الزيارة عن أيام النحر، فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما لا دم عليه في هذه الفصول.
فتأخير النسك عندهما لا يوجب الدم بحال، وأما المحدث إذا عاد طواف الزيارة بعد أيام النحر فلا ذكر له في «الأصل» ، قال مشايخنا: وينبغي أن يكون بالصدقة كفاية على مدينه.
وفي «المنتقى» : الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله: إذا طاف طواف الزيارة على غير وضوء، ثم قضاه بعد أيام النحر لم يكن عليه شيء، وروي عنه أن عليه صدقة؛ لأن طواف الزيارة مؤقت بأيام النحر، فقد أخره، وبالقضاء خفت جنايته، أما لم تسقط، فلهذا وجبت الصدقة.
فلو أنه لم يعد الطواف حتى رجع إلى أهله، فعليه إن كان جنباً بدنة، وإن كان محدثاً شاة.

إذا عرفنا هذه الجملة جئنا إلى مخرج المسألة التي ذكرها في «الجامع الصغير» فنقول: فإذا طاف للصدر في آخر أيام التشريق طاهراً وقع طواف الصدر عن طواف الزيارة، وصار تاركاً طواف الصدر، فيجب عليه الدم لترك طواف الصدر، وهذا بلا خلاف، ويجب عليه دم آخر لتأخير طواف الزيارة عند أبي حنيفة، فإذا طاف للزيارة محدثاً، ثم طاف للصدر في آخر أيام التشريق طاهراً لم يقع طواف الصدر عن طواف الزيارة حتى يصير تاركاً طواف الزيارة، فيلزمه الدم بسبب ترك طواف الصدر إنما أخر طواف الزيارة له لا غير فيكفيه دم واحد، فقد فرق بين المحدث والجنب من حيث إنه أوقع طواف الصدر عن طواف الزيارة في حق الجنب، وما أوقعه عن طواف الزيارة في حق المحدث.
والفرق من وجهين: أحدهما: إن إعادة طواف الزيارة في حق المحدث مستحبة وليست بواجبة، وطواف الصدر واجب، ولا يقام الواجب مقام المستحب، أما إعادة طواف الزيارة في حق الجنب واجب، فجاز أن يقام طواف الصدر مقامه؛ ولأن إيقاع طواف الصدر عن طواف الزيارة في حق المحدث غير مفيد؛ لأنه يلزمه الشاة في

الصفحة 463