كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 2)

الحالين، أما في حق الجنب يعيد؛ لأنه يلزمه الجزور لو لم يقع طواف الصدر عن طواف الزيارة، وإذا وقع يكفيه شاة، فلهذا افترقا.
هذا هو الكلام في طواف الزيارة.
طواف العمرة
جئنا إلى طواف العمرة، فنقول: إذا طاف للعمرة محدثاً أو جنباً، فما دام بمكة يعيد الطواف ركن في العمرة كطواف الزيارة في الحج، فإن رجع إلى أهله ولم يعد، ففي المحدث يلزمه البدنة، وفي الاستحسان يكفيه؛ لأنه لا مدخل للبدنة في العمرة إلا أن المعتمر لو جامع قبل الفراغ من العمرة لا يلزمه بدنه، بخلاف الحاج إذا جامع.
طواف الصدر

جئنا إلى طواف الصدر، فنقول: إذا طاف للصدر جنباً أو محدثاً، فما دام بمكة يعيده، وإن رجع إلى أهله، فعلى الجنب الشاة، وأما المحدث، فقد ذكر في رواية أبي سليمان أنه يكفيه الصدقة، حتى لا تقع التسوية بين الحدث والجنابة، وذكر في رواية أبي حفص أن عليه الدم؛ لأن الجنابة والحدث مما سوى طواف الزيارة على السواء، ألا ترى أنهما استويا في طواف العمرة؟ فكذا هنا.
وفي «المنتقى» : وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: لكل شوط طعام مسكين إلا أن يبلغ دماً فينتقص عنه، ولو طاف طواف الزيارة وفي ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم أجزأه ولكن مع الكراهة، ولا يلزمه شيء، ولو طاف منكشف العورة قدر ما لا يجوز معه الصلاة أجزأه، وعليه دم، ذكره القدوري في «شرحه» .
وفي «المنتقى» الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: إذا طاف طواف الزيارة في ثوب كله نجس، فهذا وما لو طاف عريان سواء، فيلزمه دم إن لم يعد، وإن كان من الثوب قدر يواريه طاهراً (179أ1) والباقي نجس جاز طوافه، ولا شيء عليه.
وليس على المكي، وأهل المواقيت، ومن دونهم طواف الصدر كما هو مشروع لتوديع البيت، فهو مشروع لحكم المناسك، وكذلك ليس على الحائض والنفساء طواف الصدر.
ابن سماعة عن محمد رحمه الله في «الرقيات» : إذا طهرت الحائض والنفساء قبل أن تخرج من بيوت مكة، فعليها طواف الصدر، ولو جاوزت البيوت حتى تكون في وضع لو خرج المكي إليه يريد سفراً قصر الصلاة، وطهرت في ذلك الموضع فليس عليها الطواف الصدر.
وفي «الجامع الصغير» : طاف لعمرته، وسعى على غير الوضوء له حل بمكة أعاد الطواف ويسعى، وإنما أعاد السعي؛ لأن السعي وإن صح مع الحدث بوصف التمام؛ لأنه لا تعلق له بالبيت، إلا أن السعي تابع للطواف ومرتب عليه، ألا ترى أنه لا يعد قربة بدون الطواف، وقد أمر بإعادة السعي بطريق التبعية؟ وإن رجع إلى أهله، ولم يعد يصير حلالاً وعليه الدم لإدخال النقصان في طواف العمرة، وليس عليه للسعي شيء، وكان ينبغي أن يلزمه دم لأجل السعي كما لو عاد طواف العمرة طاهراً ولم يعد السعي.

الصفحة 464