كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 2)

حتى نام، ثم احتملوه وهو نائم، فطافوا به أو حملوه حين أمرهم بحمله، وهو مستيقظ فدخلوا به الطواف حتى نام على رؤوسهم، فطافوا به على تلك (183أ1) الحالة، ثم استيقظ. روى ابن سماعة عن محمد رحمه الله: أنه إذا طافوا به من غير أن يأمرهم لا يجزئه، ولو أمرهم، ثم نام بعد ذلك، فطافوا به أجزأه، وكذلك إن دخلوا به الطواف أو توجهوا به نحوه فنام وطافوا به أجزأه.
ولو قال لبعض من عنده: استأجر لي من يحملني فيطوف بي، ثم غلبت عيناه ونام، ولم يحضر الذي أمره بذلك من فوره، بل لبث على تحين طويلاً، ثم استأجر أجراء فحملوه فأتوه، وهو نائم، فطافوا به، قال: استحسن إذا كان في فوره ذلك أنه يجوز، فأما إذا طال ذلك ونام، فأتوه واحتملوه، وهو نائم لا يجزئه عن الطواف، ولكن لا جرم لازم بالأمر قال: والقياس في هذه المسألة لا يجزئه حتى يدخل الطواف، وهو مستيقظ ينوي الدخول فيه، لكن يستحسن إذا أحضر كذلك فنام، وقد أمر بأن يحمل فيطاف به أن يجزئه؛ لأنه على تلك النية.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : والصبي الذي يحج به أبوه يقضي المناسك ويرمي الجمار وإنه على وجهين:
الأول: إذا كان صبياً لا يعقل الأداء بنفسه، وفي هذا الوجه إذا أحرم عنه أبوه جاز، والأصل فيه ما روي أن امرأة أخرجت صبياً من هودجها، وقالت يا رسول الله: ألهذا حج؟ فقال النبي عليه السلام: «نعم ولك أجره» .
وإن كان يعقل الأداء بنفسه يقضي المناسك كلها يفعل مثل ما يفعله البالغ؛ لأن نوافل الصلاة مشروعة في حق الصبي نظراً له، حتى يثاب عليه لو أتى به، ولو تركه لا يعاقب عليه، ولو ترك هذا الصبي بعض أعمال الحج نحو الرمي وما أشبهه لم يكن عليه شيء؛ لأنه لو ترك الكل لا شيء عليه، فكذا إذا ترك البعض.
قال في «الكتاب» : وهو الأصل أيضاً، وكل جواب عرفته في الصبي يحرم عنه الأب، فهو الجواب في المجنون؛ لأن المجنون أشد حالاً من الصبي، ثم الأب إذا أحرم عن ابنه الصغير، وارتكب بعض محظورات الإحرام لم يلزمه بسبب إحرام الصغير شيء؛ لأنه في حق الإحرام جعل نائباً عن الصغير حكماً، ألا ترى أنه يقف بالصغير ليحرم بنفسه، لو أحرم الصغير بنفسه لا يلزم الأب شيء؟ فكذا ههنا.

الصفحة 481