كتاب أحاديث ومرويات في الميزان 2 - حديث الفينة

المسندة إذا كان الحديث مختلفاً في وصله وإرساله، أو رفعه وإيقافه؛ نجدهم يبدأون بأحد أوجه الاختلاف ثم يتبعونه بالآخر، أو يسوقون أسانيدهم إلى مَن عليه مدار الحديث، ثم يقولون ـ بعد روايته موصولاً أو مرفوعاً ـ: " ولم يذكر فلان كذا "، أي لم يذكر الصحابي أو لم يرفع الحديث.
وأضرب المثال بالثاني أولاً لأنه يتعلق بنفس الحديث:
قال الإمام أبو داود (2/594) :
"حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، (ح) وثنا محمد بن الحسين، ثنا علي بن حفص قال: ثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، قال ابن حسين في حديثه: عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع ". قال راوي "السنن": " قال أبو داود: ولم يذكر حفص أبا هريرة. قال أبو داود: ولم يسنده إلا هذا الشيخ، يعني علي بن حفص المدائني ". ومثال الأول: قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في "مسنده" (3/143ـ 144) : " حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن يحيى ثنا ثابت البناني عن أنس ابن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (¬1) " مثَل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أو آخره ".
¬_________
(¬1) قد حسنت هذا الحديث في "البدائل" (رقم 21) وإني أستغفر الله من ذلك، فإن المحفوظ فيه: (عن الحسن مرسلاً) وكل طرقه عن ثابت أو غيره عن أنس، أو عن الحسن عن عمران أو علي غير محفوظة، وسائر طرقه منكرة أو واهية. ثم إن المتن منكر مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " خيركم " أو " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "، وما قيل من تأويل للجمع بينهما لا يخلو من تكلف، والله المستعان ولا رب سواه.

الصفحة 45