كتاب أحاديث ومرويات في الميزان 2 - حديث الفينة

نعم، إطلاق القول بضعفه بعيد، ولكن ينبغي ألا ننسى أن هناك مراتب عِدَّة للرواة فيما بين " ضعيف " و " ثبت ".
ولست أرغب في الانشغال بتتبع الأحاديث الذي تفرد بها هذا الرجل الصالح ـ رحمه الله ـ كما فعلتُ في غيره، ولكن في الجملة أذهب إلى خطأ القول بإعطائه حكماً واحداً لا ينفكُّ عنه، بل أُفَصِّلُ بأن تفرده عن المشاهير أمثال: سفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس السبيعي، وزائدة قدامة الثقفي، وعبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج المكي، ومسعر بن كدام الهلالي ـ ممن لهم أصحاب كثر ومجالس متواصلة ـ هذا التفرد لا أقبله من مثله.
أما إن تفرد عن مثل: داود بن نصير الطائي ـ الثقة الزاهد العابد الذي قطع مجالس التحديث واعتزل الناس ـ فإني أراه محتملاً، ويظهر أنه كان له اختصاص به، فقد تفرد عنه ـ فيما قطع به الطبراني في "الأوسط" ـ باثنين وعشرين حديثاً كلها مستقيمة الأسانيد والمتون، ثابتة عن شيوخ داود فيها.
وكذلك لو تفرد عن الضعفاء المرغوب عنهم وعن حديثهم، فلا ضَيْرَ كما في حديثنا (¬1) هنا، سواءٌ أَكان شيخه أبو معاذ هو سليمان بن أرقم كما جزم الطبراني ـ رحمه الله ـ، أو عتبة بن حميد الضبي كما خَلُصْتُ إليه في بُحَيثٍ سأذكره، أو ثالث لا يُدرى من هو لِلَّهِ على ألا ننسى أن الراوي عن مصعب نفسه لا يدرى من هو!
¬_________
(¬1) وفيما تقدم أقبل تفرد (علي بن حفص المدائني) عن (عتبة بن عمرو المكتب) وأراه محتملاً، لكن لا أقبل تفرده عن مثل (شعبة) و (الثوري) .

الصفحة 99