كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

(بَاب الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ وَنبهَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة على الرَّد على من زعم اخْتِصَاص الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ. وَجه الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبَاب والأبواب الَّتِي قبله ظَاهر
21 - (حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن يحيى بن سعيد بن عَمْرو الْمَكِّيّ عَن جده عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اتبعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج لِحَاجَتِهِ فَكَانَ لَا يلْتَفت فدنوت مِنْهُ فَقَالَ أبغني أحجارا أستنفض بهَا أَو نَحوه وَلَا تأتني بِعظم وَلَا رَوْث فَأَتَيْته بأحجار بِطرف ثِيَابِي فَوَضَعتهَا إِلَى جنبه وأعرضت عَنهُ فَلَمَّا قضى أتبعه بِهن) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله أبغني أحجارا أستنفض بهَا لِأَن مَعْنَاهُ أستنجي بهَا كَمَا سَيَأْتِي عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (بَيَان رِجَاله) وهم أَرْبَعَة الأول أَحْمد بن مُحَمَّد بن عون بالنُّون أَبُو الْوَلِيد الغساني الْأَزْرَقِيّ الْمَكِّيّ جد أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن عبد الله صَاحب تَارِيخ مَكَّة وَفِي طبقته أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ أَيْضا لَكِن كنيته أَبُو مُحَمَّد وجده عون يعرف بالقواس وَقد وهم من زعم أَن البُخَارِيّ روى عَن أبي مُحَمَّد الَّذِي فِي طبقته وَإِنَّمَا روى عَن أبي الْوَلِيد وهم أَيْضا من جَعلهمَا وَاحِدًا روى أَبُو الْوَلِيد الْمَذْكُور عَن مَالك وَغَيره وروى عَنهُ البُخَارِيّ وحفيده مؤرخ مَكَّة مُحَمَّد بن عبد الله وَأَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ وَآخَرُونَ مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ الثَّانِي عَمْرو بن يحيى بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي أَبُو أُميَّة القريشي الْمَكِّيّ الْأمَوِي وَعَمْرو بن سعيد هُوَ الْمَعْرُوف بالأشدق الَّذِي ولي إمرة الْمَدِينَة وَكَانَ يُجهز الْبعُوث إِلَى مَكَّة وَكَانَ عَمْرو هَذَا قد تغلب على دمشق فِي زمن عبد الْملك بن مَرْوَان فَقتله عبد الْملك وسير أَوْلَاده إِلَى الْمَدِينَة وَسكن وَلَده مَكَّة لما ظَهرت دولة بني الْعَبَّاس فاستمروا بهَا وَعَمْرو بن يحيى روى عَن أَبِيه وجده وَعنهُ سُوَيْد وَغَيره روى لَهُ البُخَارِيّ وَابْن مَاجَه الثَّالِث جده سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي بن أبي أحيحة التَّابِعِيّ الثِّقَة روى عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره وَعنهُ ابناه إِسْحَق وخَالِد وحفيده عَمْرو بن يحيى روى لَهُ الْجَمَاعَة سوى التِّرْمِذِيّ. الرَّابِع أَبُو هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة. وَمِنْهَا أَن فِيهِ مكيين ومدنيين. وَمِنْهَا أَنه من رباعيات البُخَارِيّ وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة الابْن عَن الْجد. (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مطولا فِي ذكر الْجِنّ عَن مُوسَى بن إِسْمَعِيل عَن عَمْرو بن يحيى بن سعيد عَن جده بِهِ وَلم يُخرجهُ مُسلم وَلَا الْأَرْبَعَة وَأخرجه رزين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبغني أحجارا أستنفض بهَا وَلَا تأتني بِعظم وَلَا بروثة قلت مَا بَال الْعظم والروثة قَالَ هما من طَعَام الْجِنّ وَأَنه أَتَانِي وَفد جن نَصِيبين وَنعم الْجِنّ فسألوني عَن الزَّاد فدعوت الله تَعَالَى لَهُم أَن لَا يمروا بِعظم وَلَا بروث إِلَّا وجدوا عَلَيْهِمَا طَعَاما (بَيَان اللُّغَات) قَوْله اتبعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي سرت وَرَاءه وَقد أشبعنا الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب من حمل المَاء لطهوره عَن قريب قَوْله أبغني يجوز فِي همزته الْوَصْل إِذا كَانَ من الثلاثي مَعْنَاهُ اطلب لي يُقَال بغيتك الشَّيْء أَي طلبته لَك وَالْقطع إِذا كَانَ من الْمَزِيد مَعْنَاهُ أَعنِي على الطّلب يُقَال أبغيتك الشَّيْء إِذا أعنتك على طلبه وَكِلَاهُمَا رِوَايَتَانِ وَقَالَ الْجَوْهَرِي بغيت الشَّيْء طلبته وبغيتك الشَّيْء طلبته لَك وأبغيته الشَّيْء أعنته على طلبه وَقَالَ ابْن التِّين روينَاهُ بالوصل قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ اطلب لي من بغيت الشَّيْء طلبته وبغيتك الشَّيْء طلبته لَك وأبغيتك الشَّيْء جعلتك طَالبا لَهُ قَالَ تَعَالَى {يبغونكم الْفِتْنَة} أَي يَبْغُونَهَا لكم وَقَالَ أَبُو عَليّ الهجري فِي أَمَالِيهِ بغيت الْخَيْر بغاء قلت بِكَسْر الْبَاء وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني فِي نوادره يُقَال بغى الرجل الْحَاجة وَالْعلم وَالْخَيْر وكل شَيْء يطْلب يَبْغِي بغاء قلت بِضَم الْبَاء وبغية بِكَسْر الْبَاء وبغى كَذَلِك وبغية بِالضَّمِّ وبغى كَذَلِك واستبغى الْقَوْم فبغوه وبغوا لَهُ أَي طلبُوا لَهُ وَفِي الْمُحكم الْمَعْرُوف بغاء قلت بِالضَّمِّ وَالِاسْم البغية والبغية وَقَالَ ثَعْلَب بغى الْخَيْر بغية وبغية فجعلهما مصدرين والبغية والبغبة والبغية مَا ابْتغى وأبغاه الشَّيْء طلبه لَهُ أَو أَعَانَهُ على طلبه وَالْجمع بغاة وبغيان

الصفحة 298