كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

أوضح الكون نفسه، إذ يقدر قطر الكون المرئي الذي يشكل 5 خ فقط من الكون الكلي بحوالي (10 27) كيلومتر أي (10 30) متر. وأما العالم الآخر فهو العالم الصغير ( Micro)، وهو عالم الجسيمات الدقيقة كالجسيمات التي تمثل العنصر المعروف بالجسيمات العنصرية مثل الجزيئة والذرة وما دونها من الدقائق كالإلكترون والبروتون والنيوترون والكوارك والأوتار، إذ من المعروف فإن طول بلانك الذي يمثل أصغر بعد «1» هو (10 - 32) سنتيمتر أي (10 - 30) متر. وإذا ما اعتبرنا معدل طول البشر بمختلف الأجناس والأعمار والأطوار هو (1) متر، فهذا يعني أن أصغر جسم في هذا الكون يساوي مقلوب أكبر جسم فيه، وهو الكون نفسه. وأجسامنا البشرية تتوسط هذه المسافة، فنحن نقع بين هذين البعدين «2».
ونتيجة للتطور الموجه لهذه القوى الأربعة تكونت الجزيئات والتراكيب الجزيئية للعناصر والمواد في الأجسام الحية وغير الحية، وحدوث التفاعلات البيولوجية في الأجسام الحية. فمن القوى أو الروابط التكافؤية القوية نسبيا كالقوة الرابطة بين الصوديوم والكلور في ملح الطعام، إلى القوة اللاتكافئية ضعيفة الترابط والمسئولة عن تشكل البنية ثلاثية الأبعاد للجزئيات البيولوجية (الروابط الهيدروجينية، الكهربية الساكنة، التساهمية، المكارهة للماء أو القطبية، وقوى فان درفالس)، أصبح لدينا بفعل الضرورة لا المصادقة - كما يعتقد البعض خاطئا - حياة ذكية، شكل الإنسان ذروتها، فكان بحق خليفة اللّه على الأرض. هذه القوى الأربعة كما ذكرنا آنفا، ولدت تدريجيا أثناء تبرد الكون، وكانت قبل الانفجار العظيم قوة واحدة متفردة ذات بنية غشائية حويصلية وترية لها أحد عشر بعدا. وفي اللحظة صفر من عمر الكون ولد الزمن وولدت معه القوى الأربعة الحاكمة لنواميس الكون .. إن القوى الطبيعية الأربعة هي إرادة اللّه تعالى الباقية الخالدة مع الزمن، لا يصيبها التبدل ولا التغيير، فهي من أهم سنن ونواميس اللّه تعالى في الكون، وقد ولدت مع ولادة الكون، وستظل معه حتى يرث اللّه
______________________________
(1) إذا أصبحت أبعاد جسم معين أصغر من طول بلانك فإنه يتحول إلى ثقب أسود، يتألف من كمية محدودة من الطاقة ويبتلع نفسه، وبلانك نسبة إلى العالم ماكس كارل إرنست لودفيغ بلانك، الفيزيائي الشهير الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1918 م.
(2) د. هاني رزوقي/ د. خالص جلبي، الإيمان والتقدم العلمي، ص 10 - 13، بتصرف.

الصفحة 17