كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وَالنَّوى " ثم فسره ثم عطف عليه قوله" ومُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ " وقد عبروا عن هذا وهذا بعبارات كلها متقاربة مؤدية للمعنى فمن قائل يخرج الدجاجة من البيضة وعكسه ومن قائل يخرج الولد الصالح من الفاجر وعكسه وغير ذلك من العبارات التي تنتظمها الآية وتشملها. ثم قال تعالى" ذلِكُمُ اللَّهُ " أي فاعل هذا هو اللّه وحده لا شريك له" فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ " أي كيف تصرفون عن الحق وتعدلون عنه إلى الباطل فتعبدون معه غيره).
وفالق الإصباح أي شاقة أو كاشفة وفاصله عن الظلمات، وفي الحديث: (اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا أقض عني الدين وأغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك) «1» ..
وهذا يعني أن الاستخدام اللغوي لكلمة الفلق هو شق الصبح أو البحر أو الحب والثمار «2».
2 - الحقائق الذرية والنووية القرآنية:
إذا ما عملنا بالتفسير الموضوعي وهو تفسير القرآن بالقرآن نقول وباللّه التوفيق:
2 - 1. الدليل القرآني في أن معنى الذرة لا يقتصر على ما ذكره المفسرون الأوائل:
لو كان معنى الذرة يقتصر على النمل والهبأة لاقتصر ذكرها على الأرض فقط ولما ذكرت في السماوات لأن اللّه تعالى يقول في مكان آخر: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والْأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) (البقرة: 164)،* وما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها ويَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (6) (هود: 6). وفي لقمان (10): خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10). أما قوله تعالى في الشورى (29): ومِنْ آياتِهِ خَلْقُ
______________________________
(1) عن تفاسير القرطبي وابن كثير والجلالين.
(2) مكتبة التفسير وعلوم القرآن، قرص مدمج عن دار التراث بعمان.

الصفحة 61