كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وهنا تصريح قرآني واضح في أن كل شيء له زوج يعاكسه في الصفات وعند اجتماعهما تحصل الاستقرارية والثبات بالضبط كما يحصل للبشر، فترى الإنسان يسعى بشتى الوسائل إلى أن يحظى برضى الحبيبة فيكون مضطربا نفسيا فإذا حصل الزواج والاقتران استقرت النفس وهدأت الجوارح، وهذا ما يوضحه القرآن الكريم بقوله عز وجل: ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) (الروم: 21)، فعبر عن السكينة والاستقرار النفسي بعد اقتران النفس بزوجها، وكأن قبل ذلك تكون حالة النفس باضطراب دائم، وهو فعلا ما يحصل للنفس البشرية قبل اقترانها بزوجها. بل إن هذا القانون وهذه السنة الإلهية تنطبق على كل الأزواج باختلاف أنواعها، وهذا ما أثبته العلم الحديث وخصوصا في العوالم الذرية وما دونها وقد فصلناه آنفا.
ولم يكتف القرآن الكريم بهذا بل لمّح بأن هناك عوالم لا نعلمها تحمل صفة الزوجية أيضا، وهو ما جاء في قوله تعالى في سورة يس (36) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ومِنْ أَنْفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36). و (من) هي للعاقل (مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، بينما (ما) في هذه الآية هي لغير العاقل النبات (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) والجماد (مِمَّا لا يَعْلَمُونَ) وتدخل الذرة طبعا ضمن هذا الجماد، أي أن الزوجية هي سنة اللّه تعالى في خلقه حياته وجماده وبضمن ذلك الذرة، وأن الوحدانية هي صفة الخالق عز وجل ...
2 - 4. الدليل القرآني في الانشطار والاندماج النووين:
لو تدبرنا قوله تعالى في سورة الأنبياء: أَولَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ والْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30)، لعلمنا أن الرتق والفتق هما بالواقع التعريف القرآني للانشطار والاندماج النووي. أما الرتق فهو لفظ قرآني لا مثيل له ولا بديل في أي كلمات أخرى غير كلمات اللّه ( RATQE) ولذلك لا يجوز ترجمته. وهو (فعلا) إلحام أو إدماج كتلتين مستقلتين من جوهر واحد أو من جوهرين مختلفين معا في جسم واحد، و (اسما) هو الجسد الواحد من كتلتين مستقلتين من جوهر واحد أو من جوهرين مختلفين ليصبحا جسدا واحدا مميزا بجوهر كتلتيه .. وأما أنواعه في القرآن

الصفحة 63