كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

فزوجان رتوق كهربائية: وهي الذرات وتعريفها الجسد الواحد لكتلتين مختلفتين مستقلتين وملتصقتين ببعضهما التصاقا متلامسا أو غير متلامس، فالذرة هي رتق من زوجين اثنين من وحدات الطاقة الكهربائية السالبة والموجبة والتي أبسطها الرتق الخاص بذرة الهيدروجين التي تتكون من إلكترون واحد سالب الشحنة يدور حول نواة الذرة، وبروتون واحد موجب الشحنة داخل النواة ... رتوق مادية: وهذا النوع من الرتوق في السماء والأرض هو الجسد الواحد من رتقين اثنين أو أكثر من الرتوق الكهربائية من المتشابهات منها أو المختلفات، وأبسط صورها هو جزءي المادة، والذي هو عبارة عن رتق مادي لذرتين أو أكثر متشابهات أو غير متشابهات ...
وأما الفتق في القرآن الكريم فهو (فعلا) فصل كتل الرتوق الكهربائية والمادية دون فقد لمكوناتها. وأما طرق ووسائل هذا الفتق فيختلف حسب نوع الرتق المعني بالفصل، فتختلف الفتوق للرتوق الكهربية عن صاحبتها الرتوق المادية «1» ..
ويؤيد هذا التوجه ما ذكرناه في الآيات المتعلقة بكلمة (الفلق)، إذ أن من ضروب البلاغة القرآنية ما يعرف بالبديع ومن فنونه المشاكلة، المزاوجة، مراعاة النظير - وهو التناسب والتوفيق - كما في قوله تعالى: الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (5) والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ (6) (الرحمن: 5 - 6)، وكذلك العكس، التورية، والجمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعالى في سورة الشورى (49): لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً ويَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49) وغيرها من أصناف البلاغة القرآنية «2» ..
كما وأنه ليس من البلاغة عطف الشيء على نفسه خصوصا في الآيات التي تعدد آلاء اللّه تعالى المتنوعة، فالحب والنوى هي من نفس الأصناف وهو الزرع رغم اختلاف تصانيفها النباتية - وهذا إعجاز علمي في مجال علم النبات - وعليه فإن زاوية النظر إلى الآية تكون أشمل إذا ما كان الجمع هنا لغرض التقسيم والتفريق والتفصيل بمعنى أن النوى هنا هو أصل كل المواد حيها وميتها وهي الذرة ونواتها. ومن هنا يتبين لنا أن المعنى اللغوي والاصطلاحي لكلمة (فالق) وهي على وزن فاعل هو شاق أو فاصل، وكلمة
______________________________
(1) د. خالد العبيدي، (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، دار المسيرة، عمان.
(2) التلخيص في علوم البلاغة للقزويني، دار الكتب العلمية، بيروت.

الصفحة 64