كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

فلق هو الصبح، وكلمة نوى جمع نواة يراد به نوى الأثمار .. إلا أن البلاغة القرآنية المعجزة تحيل الأمر إلى شمولية أكبر وهي نواة الذرة وجمعها نوى. ويؤيد هذا أن القسم الرباني العظيم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)، أكبر من كونه متعلقا بفلق الصبح أو فلق البحر التي ذكرها المفسرون الأوائل رحمهم اللّه تعالى وجازاهم بألف خير، بل أن العملية العظيمة التي تحصل في الانشطار النووي ومنها يعود أصل تكون الكون وخلقه تجعل الآية تحمل هذه الشمولية، فضلا عن أن الآية في سورة الأنعام تصرح بوضوح أن هذا الأمر فيه آيات ودلالات لقوم يعلمون فجعل اسما من أسماءه تبارك وتعالى (العليم) من صفة هؤلاء القوم الذين يعلمون. وإذا نريد أن نضيف سببا آخر نقول أن المترادفات اللغوية (فتق)، (فرق)، (فالفلق) كلها تدور حول محور واحد وهو الشق والفصل ولكن لكل واحدة منها مرحلة، فالفلق أول بداية عملية الفصل ثم يأتي بعده في التدرج الفتق عند ما يتسع الشق والفصل ثم الفرق عند ما يصبح الشيئين مفترقان ومختلفان تماما، واللّه أعلم.
2 - 5. الدليل القرآني في وجود الذرات في الكون:
لو لاحظنا الآية (61) من سورة يونس فإن المصطلح القرآني مثقال ذرة جاء أولا في الأرض ثم السماء، بينما في سبأ (3) جاء أولا في السماوات ثم في الأرض، ونحن نعلم أن التقديم والتأخير مقصود في اللغة وهو من ضروب البلاغة. فإن هذا يعني أن الذرات نفسها موجودة في الأرض وغلافها (السماء الأولى) والمجموعة الشمسية (السماء الثانية) صعودا إلى بقية السماوات، وهذا ما اكتشفه العلم الحديث وبيناه آنفا.
2 - 6. الدليل القرآني في أجزاء وتقسيمات الذرة:
في اللفظ القرآني (من مثقال ذرة) الوارد في يونس (61) نلاحظ أن حرف الجر (من) يفيد التبعيض أي أجزاء الشيء، وهو بهذا الوضع يعني (من مثقال كل ما يتعلق بالذرة أو كل ما أصله ذرة) وبمعنى أوضح من مثقال كل شيء يتبع جنس الذرة ويدخل في تركيبها «1». وفي قوله تعالى (وَلا أَصْغَرَ) يوضح التفاصيل والتقسيمات العلمية للذرة، ويدخل في هذا التفصيل - أي ولا أصغر - قوله جل وعلا في الحديث القدسي (أدنى أدنى) أي أن هناك مرحلتين أصغر من التركيب الذري وهي ما اكتشفه العلم الحديث مرحلة دقائق ال (الهادرونز) ومنها النيوكلونات أي ما له كتلة وطاقة معا مثل النيوكلونات كالبروتونات
______________________________
(1) د. كارم السيد غنيم، (الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق)، بتصرف.

الصفحة 65