كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

كذلك فإن دقيقة المادة - كرافيتون - ودقيقة الطاقة - فوتون - يشكلان دقائق متضادة وكما أوضحنا ذلك في كلامنا عن الأبحاث الحديثة في مضمار الذرة والنسبية.
* أشار القرآن الكريم في آيات مباركات عديدة وخصوصا عند استعراض قصص الأنبياء عليهم السلام الذين جاءتهم رسل اللّه من الملائكة متمثلين بشكل بشر، وكذلك تمثل الجن والشيطان بشكل بشر، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة ولكننا سنذكر بعضا منها ... يقول اللّه تعالى في سورة مريم الآيات (17 - 21) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (17) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (19) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ولَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ولِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ورَحْمَةً مِنَّا وكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (21) والمرسل هو اللّه تعالى والمرسل هو جبريل عليه السلام إمام الملائكة والمرسل إليها السيدة مريم عليها السلام، فتمثل لها الملك النوراني بهيئة بشر. ونرى في قصة الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لوط دليل قرآني آخر:
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (70) (هود: 69 - 70)، فدلت الآية أن التمثيل البشري للملائكة الكرام هو في الشكل والهيئة فقط، أما الماهية فتضل من طاقة نورانية إلا أنها تكثفت وأبطأت فاستطاعت العين البشرية أن تلتقطها لتراها وهو قوله تعالى: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ... ، أي أنهم عند ما مدوا أيديهم إلى مادة الطعام - وهو العجل - اخترقتها ولم تمسكها. بل إن القرآن صرح بالقانون الإلهي العظيم في أن عملية تحول الملائكة - وهم نور - إلى بشر - وهم مادة - سيؤدي بالناظر إلى ضبابية واضطراب في الفهم، فلا يمكن إدراك نور الملائكة بصفتها الحقيقية إلا بعد أن تقل طاقتها وتبطأ سرعتها لتدركها العين البشرية، فإذا ما رأى الناس الملائكة بصفة بشر اضطربت عليها الأمور وظنت أن المقابل كائن بشري مادي اعتيادي، ويتضح هذا في قوله تعالى في سورة الأنعام (8 - 9): وقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ولَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (8) ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (9).
2 - 9. الدليل القرآني في التفرقة بين مادة النور ومادة الظلام:
يقول اللّه تعالى في

الصفحة 67