كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

سورة الأنعام (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)، وهنا دليل قرآني واضح يمثل الإشارة الأولى في تأريخ البشرية في أن مادة الظلام ومادة النور تختلفان وهذا ما عرف تجريبيا في السنوات الأخيرة من القرن العشرين فقط وكما فصلناه في البداية.
2 - 10. الدليل القرآني في الجاذبية:
ذكرنا في بداية هذا الفصل القوى الأربعة التي تحكم الكون، ومنها قوة الجذب أو التجاذب أو ما يعرف بقوة الجاذبية نحو الأجسام ومنها الجاذبية الأرضية، الأمر الذي عرفه العلماء في القرون الثلاثة الأخيرة، وهو ما نجده في قوانين مهمة مثل قانون نيوتن في التجاذب بعد ما قال قولته المشهورة إثر تأمله في سقوط التفاحة من الشجرة نحو الأرض"" وجدتها". هذه المسألة ثبتها القرآن الكريم قبل العلم الحديث بعدة قرون، فتأمل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) (التوبة: 38). جاءت هذه الآية المباركة في سورة التوبة التي تحث على الجهاد في سبيل اللّه تعالى، ولكن تأمل المثل القرآني اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ، أي تثاقلتم ولم يقل ثقلتم من الفعل الثلاثي (ثقل) بإضافة الألف والشدة للتوكيد على زيادة الثقل. ومن المعروف عند أهل اللغة وخصوصا عند الصرفيين أن الزيادة في المبني تدل على الزيادة في المعنى، أي أن معنى الفعل المزيد يختلف عن معنى الفعل المجرد المشتق منه، وهنا جاء الفعل مزيد على الفعل الأصلي المجرد (ثقل)، فالفعل المزيد تثاقل على وزن تفاعل فعل خماسي مزيد على الفعل الثلاثي ثقل على وزن فعل بحرفين، وقد يكون الفعل اثّاقل يدل على قوة التثاقل أكثر من تثاقل. والمعنى أن الدنيا وملذاتها قد سحبتكم إليها وتركتم الجهاد في سبيل اللّه، وهنا إشارة واضحة إلى قوة الجذب «1».
2 - 11. الدليل القرآني في إمكانية سماع صوت الذرات: يقول اللّه تعالى تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ والْأَرْضُ ومَنْ فِيهِنَّ وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ
______________________________
(1) انظر التلخيص في علوم البلاغة للقزويني، دار الكتب العلمية، بيروت، وكذلك القرص المدمج (لسان العرب - البلاغة - ) وهو من إصدارات الجامعة العربية.

الصفحة 68