كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

3 - نار الحرب، قال تعالى: وقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ولَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وكُفْراً وأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ والْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ويَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً واللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) (المائدة: 64) «1».
وبالنسبة لتفسير الآيات المباركات لخص الباحث ما يأتي:
1 - قال الحجازي: واللّه يضرب الأمثال لهم بأنه جعل من الشجر الأخضر نارا فإذا من ذلك الشجر الأخضر توقدون، والشاهد أن الرجل يأتي الشجر السنط وهو أخضر مورق فيوقد فيه النار فتلتهب، وهم يقولون: أن المشهور بذلك شجر المرخ والعفار فيحتكان بشدة ليوقدا نار مع أنهما أخضران يقطران ماء. (عن التفسير الواضح لمحمد محمود الحجازي - 23/ 15).
2 - قال الطبري: أي الذي جعل لكم بقدرته من الشجر الأخضر نارا تحرق الشجر، لا يمتنع عليه فصل ما أراد، ولا يعجزه إحياء العظام البالية وإعادتها خلقا جديدا. (عن جامع البيان في تفسير القرآن لأبي جعفر بن جرير الطبري 23/ 21).
3 - وقال أبو حيان: ذكر تعالى لهم ما هو أغرب من خلق الإنسان من النطفة، وهو إبراز الشيء من ضده، وذلك أبدع بشيء وهو اقتراح النار من الشيء الأخضر، أ لا ترى الماء يطفئ النار ومع ذلك خرجت مما هو مشتمل على الماء، والأعراب توري النار من المرخ والعفار، وفي أمثالهم (في كل شيء نار، واستجمر المرخ والعفار)، ولقد أحسن القائل:
جمع النقيضين من أسرار قدرته ... هذا السحاب به ماء به نار

فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ، أي فإذا أنتم تقدحون النار على هذه الشجر الأخضر.
(عن تفسير البحر المحيط - أبو حيان الأندلسي 7/ 348).
4 - وقال الزمخشري صاحب تفسير الكشاف: ثم ذكر من بدائع خلقه انقداح النار من الشجر الأخضر، مع مضادة النار الماء وانطفائها به وهي الزناد التي توري بها
______________________________
(1) نقلها المؤلف الدكتور دلاور محمد صابر عن مفردات ألفاظ القرآن الكريم للراغب الأصفهاني، تحقيق صفوان داودي، دار القلم، ط/ 1، 1992، ص 828.

الصفحة 83