كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

ابن عباس: هادي أهل السماوات والأرض. ومنهم من قال: إن النور هو القرآن الكريم، وقال آخرون: أن النور هو النبي صلى اللّه عليه وسلم.
والمشكاة: الكوة في الحائط غير النافذة؛ قال ابن جبير وجمهور المفسرين، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وأصلها الوعاء يجعل فيه الشيء .. وأما المشكاة وعاء من أدم كالدلو يبرد فيها الماء؛ وهو على وزن مفعلة كالمقراة والمصفاة. وقيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة. وقال مجاهد: هي القنديل.
وقال فِي زُجاجَةٍ لأنه جسم شفاف، والمصباح فيه أنور منه في غير الزجاج. والمصباح:
الفتيل بناره، أي في الإنارة والضوء. وذلك يحتمل معنيين: إما أن يريد أنها بالمصباح كذلك، وإما أن يريد أنها في نفسها لصفائها وجودة جوهرها كذلك. وهذا التأويل أبلغ في التعاون على النور. قال الضحاك: الكوكب الدري هو الزهرة .. وأما الشجرة فقد قيل فيها: أي من زيت شجرة، فحذف المضاف. والمبارة المنماة؛ والزيتون من أعظم الثمار نماء، والرمان كذلك. والمعنى يقتضي ذلك، وقيل: من بركتهما أن أغصانهما تورق من أسفلها إلى أعلاها. وقال ابن عباس: في الزيتونة منافع، يسرج بالزيت، وهو إدام ودهان ودباغ، ووقود يوقد بحطبه وتفله، وليس فيه شيء إلا وفيه منفعة، حتى الرماد يغسل به الإبريسم. وهي أول شجرة نبتت في الدنيا، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان، وتنبت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة، ودعا لها سبعون نبيا بالبركة؛ منهم إبراهيم، ومنهم محمد صلى اللّه عليه وسلم فإنه قال: «اللهم بارك في الزيت والزيتون». قاله مرتين.
اختلف العلماء في قوله تعالى: لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ فقال ابن عباس وعكرمة وقتادة وغيرهم: الشرقية التي تصيبها الشمس إذا شرقت ولا تصيبها إذا غربت لأن لها سترا. والغربية عكسها؛ أي أنها شجرة في صحراء ومنكشف من الأرض لا يواريها عن الشمس شيء وهو أجود لزيتها، فليست خالصة للشرق فتسمى شرقية ولا للغرب فتسمى غربية، بل هي شرقية غربية. وقال الطبري عن ابن عباس: إنها شجرة في دوحة قد أحاطت بها؛ فهي غير منكشفة من جهة الشرق ولا من جهة الغرب. قال ابن عطية:
وهذا قول لا يصح عن ابن عباس لأن الثمرة التي بهذه الصفة يفسد جناها وذلك مشاهد في الوجود. وقال الحسن: ليست هذه الشجرة من شجر الدنيا، وإنما هو مثل ضربه اللّه

الصفحة 86