كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

الدكتور محمد حسين الصغير، استعار كلمة نور للدلالة على الهداية والتوجيه المراد بذلك عند بعض العلماء أنه هادي أهل السموات والأرض بصوادع برهانه ونواصع بيانه كما نهتدي بالأنوار الثاقبة والشهب اللامعة «1».
الإعجاز البلاغي في هذه الآية بديع بديع، لا يخفى على من يفهم لغة العرب، ولكن هذا ليس موضوعنا .. فموضوعنا الإعجاز العلمي في الآية والذي يعجز أيضا عن الإحاطة به أكبر علماء الدنيا، فاللّه سبحانه وتعالى نور السموات والأرض وهو في هذه الآية يقرب لنا الصورة ويرسم لنا النموذج المبسط كي نستطيع أن نتصور بعض خصائصه بعقولنا المحدودة بالنسبة لعظمته .. فهناك هندسة ضوئية في الأمر لها عدة مراحل:
* مشكاة فيها مصباح، والمشكاة هي الفتحة غير النافذة في الحائط.
* المصباح في زجاجة.
* الزجاجة من نوع خاص، فهي كالكوب الدري الكرستالي الشديد النقاوة إذا سقطت عليه أشعة تنعكس بداخله ملايين المرات إلى ما شاء اللّه، ولا تتبعثر منها شيء فيظهر للناظر كأنه يضيء من داخله وهذا ما يسمى علميا أنه ناري ( Firey) أي كأن نارا تخرج من داخله ..
بمعنى أن الزجاجة تعكس الضوء المسلط عليها كما تفعل الكواكب السيارة وليس كما تفعل النجوم ذاتية الإضاءة، وهذا معناه: أن الضوء يسقط من المصباح على الجدار الداخلي للزجاجة التي هي كوكب دريّ فتعكسه داخلها ملايين المرات إلى الجهة المقابلة من السطح ثم تتكرر العملية هذه حتى تتحول الزجاجة إلى كتلة من الضوء يخرج منها ويسلط على الجدران الداخلية للمشكاة، والتي تقوم هي الأخرى بعكسه مرات ومرات فلا يتبعثر من الضوء شيء ولا يخرج إلا من جهة الغرفة التي فيها المشكاة ..
وبذلك تتحول هذه الهندسة العظيمة ضمن المعادلة (مشكاة - مصباح - زجاجة بشكل كوكب كرستالي دريّ) إلى مصدر عظيم للضوء لا يحدث بإزالة أي جزء من المعادلة .. ولو أننا سألنا عالما في الفيزياء الضوئية في زماننا هذا لما استطاع أن يضيف
______________________________
(1) الصورة الفنية في المثل القرآني، د. محمد حسين علي الصغير، ص 204.

الصفحة 89