كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 2)

بالزمن السالب أو الزوج الملاصق لزمننا الموجب، كحال الناظر للمرآة بدل أن يرى تقدمه للأمام يرى نفسه يرجع للخلف فبدل أن تذهب للمستقبل معك فإنها تعود للماضي، وكما في إرجاع الأفلام إلى الوراء رغم أنها مضحكة ولكنها مشخصة علميا. أما من الناحية العملية فلا يوجد تطبيق لهذا الفعل حصل في أرض الواقع إلا في حالة معجزة المعراج التي اختص بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم «1»، وكذلك عملية الخلق بالبدء والإعادة التي صرح بها القرآن الكريم، فنقرأ في قوله تعالى إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (4) (يونس: 4) .. قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) (يونس: 34) .. أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ومَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ والْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (64) (النمل: 64) ..
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَانا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (104) (الأنبياء: 104) .. اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) (الروم: 11).
هذه المسألة تقودنا لنسبية إينشتاين، وعدم وجود زمن ماضي ومستقبل في الكون السحيق، فكل زمن هناك متداخل وليس حاله كما هو حال القياس عندنا. وهذا أيضا يعني وجود الطاقة والطاقة المضادة، وكذلك الكون والكون المضاد بل والأكوان المتعددة، ( multiverse)، فالثقوب السوداء مثلا والتي تمتص الضوء وتبيده - سنتكلم عنها في كتاب الفلك - إحدى أوجه الأكوان المضادة والعوالم الأخرى. والكون الحالي بزمنه هو كالسهم الذي أسفله نهايته المدقوقة، وأعلاه الانفراج، بينما الكون الآخر والزمن المضاد عكسه عند نهايته ..
لذلك نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) (الفلق: 1)،
______________________________
(1) راجع كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم، الباب الثالث، الفصل السابع/ هندسة النقل والاتصالات في القرآن الكريم).

الصفحة 96