كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

فحبسه، فاستغاث الرجل بِإِسْمَاعِيل، فَكلم غير وَاحِد من رُؤَسَاء الْبَلَد، أَن يكلم نزارا فِيهِ، فتجنبوا ذَلِك بِسَبَب الْمَذْهَب، فَبَاتَ إِسْمَاعِيل قلقا.
ثمَّ بكر من غَد، فَطَافَ على كل معتزلي بِالْبَصْرَةِ، وَقَالَ لَهُم: إِن تمّ هَذَا عَلَيْكُم هلكتم مُتَفَرّقين، وحبستم وَأتي على أَمْوَالكُم ونفوسكم، فاقبلوا مني، واجتمعوا، وتدبروا برأيي، فَإِن الرجل يتَخَلَّص وتعزون.
فَقَالُوا: لَا نخالف عَلَيْك.
فَوَعَدَهُمْ ليَوْم بِعَيْنِه، ووعد مَعَهم كل من يعرفهُ من الْعَوام، وَأَصْحَاب الْمذَاهب، مِمَّن يتبع قصاص الْمُعْتَزلَة، وَمن يمِيل إِلَيْهِم.
فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم، اجْتمع لَهُ مِنْهُم أَكثر من ألف رجل، فَصَارَ بهم إِلَى نزار، وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأذن لَهُ وَلَهُم.
فَقَالَ: أعز الله الْأَمِير، بلغنَا أَنَّك حبست فلَانا، لِأَنَّهُ قَالَ: إِن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَقد جئْنَاك، وكلنَا نقُول: إِن الْقُرْآن مَخْلُوق، وخلفنا أُلُوف يَقُولُونَ كَمَا نقُول، فإمَّا حبستنا جَمِيعًا، وَإِمَّا أطلقت صاحبنا، وَإِذا كَانَ السُّلْطَان أَطَالَ الله بَقَاءَهُ قد ترك المحنة، وَقد أقرّ النَّاس على مذاهبهم، فَلم نؤاخذ نَحن بمذهبنا من بَين سَائِر المقالات؟ فَنظر نزار فَإِذا فتْنَة تثور، لم يُؤذن لَهُ فِيهَا، وَلم يدر مَا تجر، فَأطلق الرجل، وَسلمهُ إِلَيْهِم.
فشكره إِسْمَاعِيل، وَانْصَرف وَالْجَمَاعَة.

الصفحة 33