كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

فأومأت إِلَى عِمَامَة ملحم كَانَت بحضرتي، وأمرته بِبَيْعِهَا، وَصرف ثمنهَا فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ، فَبَاعَهَا بِثمَانِيَة دَرَاهِم.
وَورد عَليّ فِي ذَلِك الْيَوْم كتاب وَكيلِي على أَهلِي، بِمَدِينَة السَّلَام، يعلمني ضيق الْأَمر عَلَيْهِ فِيمَا يحْتَاج إِلَى إِقَامَته للعيال، وَإنَّهُ التمس من التُّجَّار مِقْدَار ألفي دِرْهَم، فَلم يُجِيبُوهُ إِلَيْهَا، فَعظم عَليّ مَا ورد من ذَلِك، وَضَاقَتْ بِي الْمذَاهب.
فَبَيْنَمَا أَنا قَاعد فِي عَشِيَّة يومي ذَلِك، إِذْ أَتَانِي الْفضل يَأْمُرنِي بِحُضُور الدَّار، وَالْمقَام فِيهَا، إِلَى عِنْد خُرُوجه من دَار الْمَأْمُون، فحضرتها بعد صَلَاة الْعَتَمَة، فأقمت، إِلَى أَن خرج الْفضل فِي وَقت السحر، فَلَقِيته، وَبَين يَدَيْهِ خرائط كَثِيرَة مَحْمُولَة.
فَقَالَ: صليت صَلَاة اللَّيْل؟ قلت: نعم.
فَقَالَ: لكني مَا صليت، فَكُن هَاهُنَا إِلَى أَن أُصَلِّي، فصلى، ثمَّ انْفَتَلَ من صلَاته، فدعاني.
فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا هَذِه الخرائط؟ قلت: لَا.
قَالَ: هَذِه ثَمَانِي وَسِتُّونَ خريطة وَردت، وقرأتها، وأجبت عَنْهَا بخطي فدعوت الله لَهُ بِحسن المعونة والتوفيق.
ثمَّ قَالَ لي: يَا رَيَّان، إِن أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن سهل قد دفع إِلَى وَاسِط،

الصفحة 347