كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

فَلَمَّا اشْتَدَّ عَليّ الْأَمر، واستحكم الْيَأْس، قَالَ لي: يَا سَيِّدي، قد وَالله أَتَاك الْفرج، أرى شَيْئا فِي الصَّحرَاء قد أقبل، وَمَعَهُ فرجنا، فازددت من قَوْله غيظا، وَأمرت غلماني بتأمل الصَّحرَاء، فَلم أر، وَلم يرَوا شَيْئا.
وجد الْقَوْم فِي الْهدم والحريق، حَتَّى هَمَمْت لما داخلني أَن أرمي بِالْفَضْلِ إِلَيْهِم.
فَقَالَ الغلمان: إِنَّا نرى فِي الصَّحرَاء شَيْئا يلوح، فَنَظَرت فَإِذا شبح، وَجعل يزِيد تبيانا، إِلَى أَن تبينوا رجلا على بغلة، ثمَّ قرب، فَإِذا هُوَ يلوح، وَقرب من الْعَسْكَر، وقويت لَهُ قُلُوبنَا، وَرَأى الْجند ذَلِك فتوقفوا، وخالطهم، فَإِذا هُوَ يَقُول: الْبُشْرَى، هَذَا رَأس عَليّ بن عِيسَى بن ماهان معي فِي المخلاة، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك أَمْسكُوا عَنَّا، وانقلبوا بِالدُّعَاءِ، وَالسُّرُور بالظفر وَالْفَتْح.
فَقَالَ لي الْفضل بن سهل: يَا سَيِّدي، إئذن لي فِي إِدْخَال بَعضهم، فَأَذنت لَهُ، فَشرط عَلَيْهِم أَن لَا يدْخل إِلَّا من يُرِيد، فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك، وسمى قوما من الْقَوْم، فأدخلهم.
فَكَانَ أول من دخل عَليّ، عبد الله بن مَالك الْخُزَاعِيّ، فَقبل يَدي، وَسلم عَليّ بالخلافة، ثمَّ أَدخل القواد بعده، وَاحِدًا، وَاحِدًا، فَفَعَلُوا مثل ذَلِك، فأطفأ الله عز وَجل النائرة، ووهب السَّلامَة، وقلدني الْخلَافَة، فظفرت

الصفحة 353