كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

وَكَانَ الفضيل دينا، عفيفا، فَقيل للمنصور فِي ذَلِك، وَأَنه أَبْرَأ النَّاس مِمَّا قرف بِهِ، فأحضر الْمَنْصُور غُلَاما من غلمانه، وَجعل لَهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم، إِن أدْركهُ قبل أَن يقتل، فَصَارَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَهُ قد قتل، وَلم يجِف دَمه.
واتصل خبر قَتله بِجَعْفَر بن أبي جَعْفَر، فَطلب الريان، فَلَمَّا جِيءَ بِهِ، قَالَ لَهُ: وَيلك، مَا يَقُول أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي قتل رجل مُسلم بِغَيْر جرم؟ فَقَالَ لَهُ الريان: هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ، يفعل مَا يَشَاء.
فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: يَا ماص بظر أمه، أُكَلِّمك بِكَلَام الْخَاصَّة، فتكلمني بِكَلَام الْعَامَّة؟ جروا بِرجلِهِ، فألقوه فِي دجلة.
قَالَ الريان: فَأخذُوا وَالله برجلي، فَقلت: أُكَلِّمك بِكَلِمَة، ثمَّ اعْمَلْ مَا شِئْت.
فَقَالَ: ردُّوهُ، فَرددت، فَقَالَ: قل.
فَقلت لَهُ: أَبوك إِنَّمَا يسْأَل عَن قتل فُضَيْل بن عمرَان وَحده؟ وَمَتى يسْأَل عَنهُ، وَقد قتل عَمه عبد الله بن عَليّ، وَقتل عبد الله بن الْحسن، وعشرات من أَوْلَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد قتل من أهل الدُّنْيَا مَا لَا يُحْصى

الصفحة 358