كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

فَقَالَ: أيش صفة هميانك؟ وَقبض على يَدي، فَلم أقدر أتخلص مِنْهُ، فوصفت لَهُ همياني.
فَقَالَ لي: ادخل، فَدخلت منزله.
فَقَالَ: أَيْن زَوجتك؟ فَقلت: فِي الخان الْفُلَانِيّ.
فأنفذ غلمانه، فَأتوا بهَا، فَأدْخلهَا إِلَى حرمه، فأصلحوا أمرهَا، وأطعموها مَا احْتَاجَت إِلَيْهِ، وكساني كسْوَة حَسَنَة، وأدخلني الْحمام، وأصبحت عِنْده فِي عيشة طيبَة.
فَقَالَ لي: أقِم عِنْدِي أَيَّامًا لأضيفك، فأقمت عِنْده عشرَة أَيَّام، فَكَانَ يعطيني فِي كل يَوْم عشْرين دِينَارا، وَأَنا متحير من عَظِيم بره، بعد شدَّة جفائه.
فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك، قَالَ لي: أَي شَيْء تتصرف فِيهِ؟ فَقلت: كنت تَاجِرًا.
فَقَالَ: أقِم عِنْدِي، وَأَنا أَعطيتك رَأس مَال فتتجر فِي شركتي.
فَقلت: أفعل.
فَدفع إِلَيّ مِائَتي دِينَار، وَقَالَ لي: أتجر بهَا هَاهُنَا.
فَقلت: هَذَا معاش، قد أغناني الله تَعَالَى بِهِ، يجب أَن ألزمهُ، فَلَزِمته.
فَلَمَّا كَانَ بعد شهور، ربحنا، فَجِئْته، فَقلت لَهُ: خُذ ربحك.
فَقَالَ لي: اجْلِسْ , فَجَلَست.
فَأخْرج إِلَى همياني، وَقَالَ: أتعرف هَذَا؟ فحين رَأَيْته، شهقت شهقة غشي عَليّ مِنْهَا.
ثمَّ أَفَقْت بعد سَاعَة، فَقلت لَهُ: يَا هَذَا، أملك أَنْت أم نَبِي؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي ممتحن بِحِفْظ هميانك مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سنة، فَلَمَّا سَمِعتك تِلْكَ اللَّيْلَة تَقول مَا قلته، وأعطيتني علامته، أردْت أَن أُعْطِيك هُوَ،

الصفحة 376