كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

أطلع مِنْهَا إِلَى الطَّرِيق، أترقب خُرُوج الْمَرْأَة، فَإِن خرجت، وَإِلَّا أَقمت الصَّلَاة لِئَلَّا يشك فِي الصَّباح، فيخرجها.
فَمَا مَضَت إِلَّا سَاعَة، وَالْمَرْأَة عِنْده، حَتَّى رَأَيْت الشَّارِع قد امْتَلَأَ خيلا، ورجالا، ومشاعل، وهم يَقُولُونَ: من أذن السَّاعَة؟ فَفَزِعت، وَسكت.
ثمَّ قلت: أخاطبهم، لعَلي أستعين بهم على إِخْرَاج الْمَرْأَة، فَصحت من المنارة: أَنا أَذِنت.
فَقَالُوا لي: انْزِلْ، وأجب أَمِير الْمُؤمنِينَ.
فَقلت: دنا الْفرج، فَنزلت، فَإِذا بدر، وعدة غلْمَان، فَحَمَلَنِي، وأدخلني على المعتضد، فَلَمَّا رَأَيْته، هِبته، وارتعت، فسكن مني.
وَقَالَ: مَا حملك على أَن تغر الْمُسلمين بأذانك فِي غير وقته، فَيخرج ذُو الْحَاجة فِي غير وَقتهَا، ويمسك المريد للصَّوْم، فِي وَقت قد أَبَاحَ الله لَهُ الْأكل فِيهِ، وَيَنْقَطِع العسس والحرس عَن الطّواف؟ فَقلت: يؤمنني أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَأُصَدِّقهُ.
فَقَالَ: أَنْت آمن.
فقصصت عَلَيْهِ قصَّة التركي، وأريته الْآثَار.
فَقَالَ: يَا بدر، عَليّ بالغلام السَّاعَة وَالْمَرْأَة، وعزلت فِي مَوضِع.
فَمضى بدر، وأحضر الْغُلَام وَالْمَرْأَة، فَسَأَلَهَا المعتضد عَن الصُّورَة، فَأَخْبَرته بِمثل مَا أخْبرته.
فَقَالَ لبدر: بَادر بهَا السَّاعَة على زَوجهَا، مَعَ ثِقَة يدخلهَا دارها، ويشرح لزَوجهَا الْقِصَّة، ويأمره عني بالتمسك بهَا، وَالْإِحْسَان إِلَيْهَا.

الصفحة 393