كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

فَقَالَ: لَا يحسن أَن أكتب فِي شَيْء من هَذَا، وَهَذَا الشَّيْخ حَاضر.
فَقَالَ أَبُو الْحسن: فَأَنا أكتب بخطي عَنْك، إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ، فَإنَّك أَنْت الْوَزير، وكلنَا أعوانك وأتباعك، فسر بذلك ابْن مقلة جدا، وَصَارَت لَهُ عِنْد النَّاس جَمِيعًا منزلَة.
ودعا عَليّ بن عِيسَى بِثلث قرطاس، وَكتب فِيهِ، فِي الْحَال، بِغَيْر نُسْخَة، كتابا نسخته: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، أعزّك الله، وَأطَال بقاك، وأكرمك، وَأتم نعْمَته عَلَيْك، وَزَاد فِي إحسانه إِلَيْك، قد عود الله أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَطَالَ الله بَقَاءَهُ، فِي تصاريف أَحْوَاله، ومعقبات أَعماله، وَعند الخطوب إِذا ألمت، والحوادث إِذا أظلت، أَن لَا يخليه من نظر يتيحه لَهُ، وَنعم يجددها عِنْده، ومنح يُضَاعِفهَا لَدَيْهِ، لما يعرفهُ من صفاء نِيَّته، وخلوص طويته، وَحسن سَرِيرَته، لسَائِر رَعيته، عَادَة فِي الصّلاح والإصلاح، هُوَ، عز وَجل، متممها، وموزع الشُّكْر عَلَيْهَا، وَكَانَ جمَاعَة من الْأَوْلِيَاء، وَجُمْهُور الرِّجَال والأصفياء، عدلوا عَن طَرِيق السَّلامَة، وزالوا عَن مَذْهَب الاسْتقَامَة، وحادوا مَا توالى عَلَيْهِم من النِّعْمَة، وَوصل إِلَيْهِم من الْإِحْسَان فِي طول الْمدَّة، وَحَملهمْ الْحِين المتاح لأمثالهم، وَمَا قرب الله من آجالهم، على الْخُرُوج عَن مَدِينَة السَّلَام، بِغَيْر تَدْبِير وَلَا نظام، والمطالبة بِمَا لَا يسْتَحقُّونَ من الأرزاق، على سَبِيل السطوة والاقتدار، غير مفكرين فِي ذميم الْمذَاهب، ووخيم العواقب، مترددين فِي بغيهم، متسكعين فِي جهلهم وغيهم، وأمير الْمُؤمنِينَ، أدام الله عزه، يعدهم بنظره الَّذِي لَا يخلفه، وَالعطَاء الَّذِي لَا يُؤَخِّرهُ، ويتوخاهم بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة، وينهاهم عَن الْأَفْعَال القبيحة الْمُنكرَة، وهم يأبون مَا يَدعُوهُم

الصفحة 56