كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

إِلَيْهِ، ويسرفون فِي التحكم وَالْبَغي عَلَيْهِ، إِلَى أَن أداهم الْجَهْل والطغيان والتمرد والعصيان، إِلَى إحضارهم دَار المملكة من لقبوه بالخلافة يَوْمًا وَاحِدًا، ثمَّ صرف عَنْهَا، وأمير الْمُؤمنِينَ، أيده الله تَعَالَى، يعْمل فكره ورويته فِي حل نظامهم، وحسم مواد اجْتِمَاعهم، وتشتيت كلمتهم، وتفريق جَمَاعَتهمْ، حَتَّى يتَمَكَّن مِنْهُم تمَكنا يفت فِي أعضادهم، ويوهن من عنادهم، ثمَّ يعْفُو عَمَّن يرى الْعَفو عَنهُ، ويوقع الْقصاص على من يُوجب الْحق الْقصاص مِنْهُ، فَلم تكن إِلَّا وقْعَة من الوقعات، وَسَاعَة من السَّاعَات، حَتَّى أخلف الله آمالهم، وأكذب أطماعهم وبدد شملهم، وَخيَّب سَعْيهمْ، وأكبى زندهم، وانفضوا بعد أَن استلحم من كَانَ مضرما للفتنة، وملهبا للنائرة، وَعَاد أَمِير الْمُؤمنِينَ، أيده الله، على البَاقِينَ بالصفح الشَّامِل والإنعام الْكَامِل، وتغمد هفوتهم، وأقال عثرتهم، وَأحسن صلتهم، واستأنف أفضل الْأَحْوَال بهم، وعادت الْأُمُور كَمَا كَانَت، وتكشفت الخطوب وزالت وخلصت النيات وصلحت، وهدأت الرّعية وسكنت، وَقد تكفل الله، عز وَجل، بنصر أَمِير الْمُؤمنِينَ، وتشييد أَرْكَان عزه، وَالله يحِق الْحق، وَيبْطل الْبَاطِل، وَلَو كره المجرمون، فأجر أعمالك، أعزّك الله، على أجمل مَا تجريها عَلَيْهِ، وَأحسن سيرتك فِيهَا، مُسْتَعْملا فِيهَا أجد الْجد، وأبلغ التشمير، حَتَّى تسهل صعابها، وتدر أحلابها، وتجري على أحسن مجاريها، وأجمل تأتيها، وَاحْذَرْ أَن ترخص لنَفسك فِي تَأْخِير الْحمل، فَتخرج إِلَى التَّأْنِيث والعذل، وبادر الْجَواب عَن هَذَا الْكتاب، لأعرضه على أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَطَالَ الله بَقَاءَهُ،

الصفحة 57