كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

يقيمه وينبهه، وَخَافَ أَن يشرع الإفشين فِي قتل أبي دلف، فجَاء إِلَى الإفشين، فَقَالَ لَهُ: يَقُول لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ، بَلغنِي أَنَّك تُرِيدُ أَن تحدث على الْقَاسِم بن عِيسَى حَادِثَة، وَالله لَئِن فعلت لأَقْتُلَنك، وَلم يكن المعتصم أرْسلهُ، وَلَا قَالَ لَهُ شَيْئا.
فرهب الإفشين أَن يقتل أَبَا دلف.
وَعَاد ابْن أبي دؤاد إِلَى المعتصم، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَيْسَ الْكذَّاب من أصلح بَين النَّاس» ، فَقَالَ خيرا، ومنَّى خيرا، وَقد أدّيت عَنْك رِسَالَة أَحييت بهَا أهل بَيت من الْمُسلمين، وكففت بهَا أسياف خلق من الْعَرَب، بَلغنِي أَن الإفشين عزم على قتل الْقَاسِم بن عِيسَى الْعجلِيّ، فأديت إِلَيْهِ عَنْك رِسَالَة هِيَ كَذَا وَكَذَا، فحقنت دم الرجل، ونعشت عِيَاله، وكففت عَنْك عصيان عجل وَمن يتبعهَا مِمَّن يتعصب لَهُ، فيتفق عَلَيْك من ذَلِك مَا تغتم بِهِ، وَالرجل فِي يَده مشف على الْقَتْل.
فَقَالَ لَهُ المعتصم: قد أَحْسَنت.
وَوجه الإفشين إِلَى ابْن أبي دؤاد: لَا تَأتِينِي، وَلَا تقربني.
فَقَالَ للرسول: أتؤدي عني كَمَا أدّيت إِلَيّ؟ قَالَ: قل.
قَالَ: قل لَهُ: مَا آتِيك تعززا من ذلة، وَلَا تكثرا من قلَّة، وَإِنَّمَا أَنْت رجل ساعدك زمَان، ورفعك سُلْطَان، فَإِن جئْتُك فَلهُ، وَإِن تَأَخَّرت عَنْك فلنفسك.
أَخْبرنِي القَاضِي أَبُو طَالب مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن البهلول التنوخي، فِيمَا أجَاز لي رِوَايَته عَنهُ، بَعْدَمَا سمعته مِنْهُ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خلف، وَكِيع القَاضِي، قَالَ: أخبرنَا مُوسَى بن جَعْفَر، أَخُو يعِيش الْكَاتِب، قَالَ:

الصفحة 68