كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

كَانَ أَحْمد بن أبي دؤاد حِين ولي المعتصم الْخلَافَة، عادى الإفشين وحرض عَلَيْهِ المعتصم، وَذكر حَدِيثا طَويلا، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه.
ثمَّ قَالَ فِيهِ: وَكَانَ سَبَب الْعَدَاوَة بَين أَحْمد بن أبي دؤاد، وَبَين الإفشين، أَن الإفشين أَرَادَ قتل أبي دلف الْقَاسِم بن عِيسَى الْعجلِيّ، فَاسْتَجَارَ بِابْن أبي دؤاد، ثمَّ ذكر نَحوا مِمَّا ذكرته عَن أبي رَضِي الله عَنهُ، إِلَّا أَنه لم يقل فِي خَبره أَن ابْن أبي دؤاد جَاءَ إِلَى المعتصم فَوَجَدَهُ نَائِما، ثمَّ عَاد فَوَجَدَهُ قد انتبه، وَقَالَ فِي آخر حَدِيثه: وَإِنَّمَا أَنْت رجل رفعتك دولة، فَإِن جِئْت فلهَا وَإِن قعدت فعنك.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْفرج الْمَعْرُوف بالأصبهاني، قَالَ: قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: كَانَ أَبُو دلف الْقَاسِم بن عِيسَى الْعجلِيّ، فِي جملَة من كَانَ مَعَ الإفشين خيذر بن كاوس لما خرج لمحاربة بابك، ثمَّ تنكر لَهُ، فَوجه من جَاءَهُ بِهِ ليَقْتُلهُ.
وَبلغ المعتصم الْخَبَر، فَبعث إِلَيْهِ بِأَحْمَد بن أبي دؤاد، وَقَالَ لَهُ: أدْركهُ، وَمَا أَرَاك تُدْرِكهُ، واحتل فِي خلاصه مِنْهُ كَيفَ شِئْت.
قَالَ أَحْمد: فمضيت ركضا حَتَّى وافيته، فَإِذا أَبُو دلف وَاقِف بَين يَدَيْهِ، وَقد أَخذ بِيَدِهِ غلامان لَهُ تركيان، فرميت بنفسي على الْبسَاط، وَكنت إِذا جِئْته دَعَا لي بمصلى.
فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، مَا حملك على هَذَا؟ قلت: أَنْت أجلستني هَذَا الْمجْلس، ثمَّ كَلمته فِي الْقَاسِم بن عِيسَى، وَسَأَلته فِيهِ، وخضعت لَهُ، فَجعل لَا يزْدَاد إِلَّا غلظة.
فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك مِنْهُ، قلت: هَذَا عبد، وَقد أغرقت فِي الرقة مَعَه فَلم تَنْفَع، وَلَيْسَ إِلَّا أَخذه بالرهبة.
فَقُمْت، وَقلت: كم تراك قدرت فِي نَفسك تقتل أَوْلِيَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ وَاحِدًا بعد وَاحِد، وتخالف أمره فِي قَائِد بعد قَائِد؟ قد حملت إِلَيْك هَذِه الرسَالَة عَن

الصفحة 69