كتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي (اسم الجزء: 2)

أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَمَا تَقول؟ فَقل، وذل، حَتَّى لصق بِالْأَرْضِ، وَبَان لي الِاضْطِرَاب فِيهِ.
فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك، نهضت إِلَى أبي دلف، فَأخذت بِيَدِهِ، وَقلت: قد أَخَذته بِأَمْر أَمِير الْمُؤمنِينَ.
فَقَالَ: لَا تفعل، يَا أَبَا عبد الله.
فَقلت: قد فعلت، وأخرجت الْقَاسِم، وَحَمَلته على دَابَّة، ووافيت المعتصم.
فَلَمَّا بصر بِي، قَالَ: بك يَا أَبَا عبد الله وريت زنادي، ثمَّ سرد عَليّ خبري مَعَ الإفشين، حَدِيثا مَا أَخطَأ فِيهِ حرفا.
ثمَّ سَأَلَني: هَل هُوَ كَمَا قَالَ؟ فَأَخْبَرته أَنه لم يُخطئ حرفا وَاحِدًا.
وَأَخْبرنِي أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن الْحسن بن المظفر، الْمَعْرُوف بالحاتمي، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: حَدثنِي جدك المظفر بن الْحسن، قَالَ: حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْفُرَات، قَالَ: حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن ثوابة، قَالَ: كَانَ الإفشين نقم على أبي دلف الْعجلِيّ، وَهُوَ مضموم إِلَيْهِ فِي حَرْب بابك، أَشْيَاء، فَلَمَّا ظفر ببابك، وَقدم سر من رأى، شكاه إِلَى المعتصم، وَسَأَلَهُ ليأمره بِهِ، فَفعل، ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُطلق يَده عَلَيْهِ، فَلم يفعل، وَكَانَ أَحْمد بن أبي دؤاد متعصبا لأبي دلف، يَقُول للمعتصم: إِن الإفشين ظَالِم لَهُ، وَإِنَّمَا نقم عَلَيْهِ نصيحته فِي محاربة بابك، وجده فِيهَا، وَدفعه مَا كَانَ الإفشين يذهب إِلَيْهِ من مطاولة الْأَيَّام، وإنفاق الْأَمْوَال وانبساط الْيَد فِي الْأَعْمَال، وَتَركه مُتَابَعَته على ذَلِك.
فألح الإفشين على المعتصم بِاللَّه فِي إِطْلَاق يَده عَلَيْهِ، وَكَانَ للإفشين قدر جليل عِنْد المعتصم، يدْخل عَلَيْهِ بِغَيْر إِذن.

الصفحة 70