كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَفِي الْوَجِيزِ.
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً بِاللُّزُومِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَهُوَ بَعِيدٌ. وَكَيْفَ يَلْزَمُ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ؟ وَقَدَّمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الرِّعَايَةِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِي وُجُوبِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ رِوَايَتَانِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ الْعَجْزِ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي: يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَمَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَلِكَ. انْتَهَى. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَنْعَقِدُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: تَنْعَقِدُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَنْصُوصِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا احْتَجُّوا بِهِ. انْتَهَى.
وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ. وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ وَلَا تَجِبُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ قَوْلِهِمْ " وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً " فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُعْفَى عَنْ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ وَعَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ، بِشَرْطِ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ. وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، وَلَا يَجِبُ سُجُودُهُ عَلَى دَابَّتِهِ. وَلَهُ الْكَرُّ، وَالْفَرُّ، وَالضَّرْبُ وَالطَّعْنُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ
لِلْمَصْلَحَةِ
، وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ.

الصفحة 360