كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَوْلُهُ (وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهَا. وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا انْتَظَرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَلَّى وَفَرَغَ، ثُمَّ يُصَلِّي. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ: احْتِمَالُ أَنَّهُ مَتَى ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ، فَلَهُ الدُّخُولُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَسَبَقَ وَجْهٌ أَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الظُّهْرُ. فَعَلَيْهِ تَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: إنَّ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ تَأْخِيرًا مُنْكَرًا، فَلِلْغَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا، وَتُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ. جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. لِخَبَرِ تَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا. وَتَبِعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَيَّدَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى بِالتَّأْخِيرِ، إلَى أَنْ يَخْرُجَ أَوَّلَ الْوَقْتِ.
فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ. فَلَا تَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ. قَوْلُهُ (وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ: أَنْ لَا يُصَلِّيَ الظُّهْرَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْإِمَامُ) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَأَفَادَنَا أَنَّهُمْ لَوْ صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ: أَنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ. وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ زَالَ عُذْرُهُمْ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، فِي غَيْرِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ. وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. وَفِي الْإِمَامَةِ فِي الشَّافِي. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَرِيضِ.

الصفحة 372