كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَقْتَ وُجُوبِهَا، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا. قَالَ الْمَجْدُ: الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ بِالزَّوَالِ، وَمَا قَبْلَهُ وَقْتُ رُخْصَةٍ وَجَوَازٍ، لَا وَقْتُ وُجُوبٍ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ تَجِبُ بِدُخُولِ وَقْتِ جَوَازِهَا. فَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضُوعٍ: مَنْعُ السَّفَرِ بِدُخُولِ وَقْتِ فِعْلِ الْجُمُعَةِ، وَجَعَلَ الِاخْتِلَافَ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ. انْتَهَى. الثَّانِي: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: إذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي طَرِيقِهِ. فَأَمَّا إنْ أَتَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. الثَّالِثُ: إذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْجَوَازِ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُكْرَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: قَلَّ مَنْ يَفْعَلُهُ إلَّا رَأَى مَا يَكْرَهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يُكْرَهُ.

قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا: الْوَقْتُ، وَأَوَّلُهُ: أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قُلْت: مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ شَاقِلَا، وَالْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا. وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ.

الصفحة 375