كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

الصَّلَوَاتِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ لَزِمَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ لَزِمَهُ بِإِدْرَاكِ أَقَلَّ مِنْهَا. كَالْمُسَافِرِ يُدْرِكُ الْمُقِيمَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ إدْرَاكُهُ إدْرَاكُ إلْزَامٍ. وَهَذَا إدْرَاكُ إسْقَاطٍ لِلْعَدَدِ فَافْتَرَقَا، وَبِأَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ، خِلَافُ مَسْأَلَتِنَا.

فَائِدَةٌ: إنْ كَانَ الْإِمَامُ صَلَّى الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ، لَمْ يَصِحَّ دُخُولُ مَنْ فَاتَتْهُ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّهِ ظُهْرًا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنْ دَخَلَ انْعَقَدَتْ نَفْلًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَيْهَا ظُهْرًا، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْآمِدِيُّ عَنْ ابْنِ شَاقِلَا، وَيَجِبُ أَنْ يُصَادِفَ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهِ زَوَالَ الشَّمْسِ عَلَى هَذَا.

قَوْلُهُ (وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَصَحَّحُوهُ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَسْجُدُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدٍ، وَلَا عَلَى رِجْلِهِ. وَيُومِئُ غَايَةَ الْإِمْكَانِ وَعَنْهُ إنْ شَاءَ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ زَوَالَ الزِّحَامِ، وَالْأَفْضَلُ السُّجُودُ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ احْتَاجَ إلَى مَوْضِعِ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ أَيْضًا، فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُهُمَا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ فِي الْجَبْهَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ،

الصفحة 382