كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَمِنْهَا: تَبْطُلُ الْخُطْبَة بِكَلَامٍ يَسِيرٍ مُحَرَّمٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ كَالْأَذَانِ وَأَوْلَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَإِنْ حَرُمَ الْكَلَامُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ وَتَكَلَّمَ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَمِنْهَا: الْخُطْبَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْقِرَاءَةِ، وَهَلْ يَجِبُ إبْدَالُ عَاجِزٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِذِكْرٍ أَمْ لَا؟ لِحُصُولِ مَعْنَاهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ، قُلْت: الصَّوَابُ الْوُجُوبُ.

قَوْلُهُ (وَحُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ) يَعْنِي فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْخُطْبَةِ كَذَا سَائِرُ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ.

فَوَائِدُ. مِنْهَا: يُعْتَبَرُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا، بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ سَمَاعٌ لِعَارِضٍ، مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، صَحَّتْ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ لِبُعْدٍ، أَوْ خَفْضِ صَوْتِهِ: لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ كَانُوا طُرْشًا أَوْ عُجْمًا، وَكَانَ عَرَبِيًّا سَمِيعًا: صَحَّتْ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ صُمًّا فَذَكَرَ الْمَجْدُ تَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ غَيْرُ الْمَجْدِ: لَا تَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صُمٌّ وَفِيهِمْ مَنْ يَسْمَعُ، وَلَكِنَّ الْأَصَمَّ قَرِيبٌ، وَمَنْ يَسْمَعُ بَعِيدٌ فَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ [وَهُوَ أَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ] قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ أَوْلَى فِي مَوْضِعٍ، وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ، وَالنُّكَتِ، وَالزَّرْكَشِيِّ،

الصفحة 390