كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ خُرْسًا مَعَ الْخَطِيبِ.
فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ ظُهْرًا لِفَوَاتِ الْخُطْبَةِ صُورَةً وَمَعْنًى قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَفِيهِ وَجْهٌ: يُصَلُّونَ جُمُعَةً، وَيَخْطُبُ أَحَدُهُمْ بِالْإِشَارَةِ، فَيَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ جَمِيعُ عِبَادَاتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَظِهَارِهِ وَلِعَانِهِ وَيَمِينِهِ، وَتَلْبِيَتِهِ وَشَهَادَتِهِ، وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا أَيْضًا.

فَائِدَةٌ: لَوْ انْفَضُّوا عَنْ الْخَطِيبِ، وَعَادُوا، وَكَثُرَ التَّفَرُّقُ عُرْفًا فَقِيلَ: يَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِاشْتِرَاطِهِمْ سَمَاعَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ لِلْخُطْبَةِ، وَقَدْ انْتَفَى قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ انْفَضُّوا ثُمَّ عَادُوا قَبْلَ أَنْ يَتَطَاوَلَ الْفَصْلُ صَلَّاهَا جُمُعَةً فَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ إذَا تَطَاوَلَ الْفَصْلُ لَا يُصَلِّي جُمُعَةً مَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْخُطْبَةَ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ [وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إنْ انْفَضُّوا لِفِتْنَةٍ أَوْ عَدُوٍّ: ابْتَدَأَهَا كَالصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَبْطُلَ كَالْوَقْتِ يَخْرُجُ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَقْتَ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ لِلْعُذْرِ، وَهُوَ الْجَمْعُ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لِلْخُطْبَتَيْنِ أَعْنِي الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ، إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطَانِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ

الصفحة 391