كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ، وَالدُّعَاءُ لَهُ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ، حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لَوْ كَانَ لَنَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا لِإِمَامٍ عَادِلٍ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: وَإِنْ دَعَا لِسُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ فَحَسَنٌ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَمِنْهَا: لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، وَقِيلَ: يَرْفَعُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ بِدْعَةٌ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ. وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ إنْ قَدَرَ عَلَى إذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: تَصِحُّ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهُ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا لَا لِجَوَازِهَا، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ، وَالشَّالَنْجِيُّ: إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ قَدْرُ مَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ جَمَعُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ.

تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا: يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فَلَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ: لَمْ تَلْزَمْ الْإِعَادَةُ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ لِلْمَشَقَّةِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُمَا فِي الْحَوَاشِي، وَعَنْهُ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ؛ لِبَيَانِ عَدَمِ الشَّرْطِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَمَعَ اعْتِبَارِهِ فَلَا تُقَامُ إذَا مَاتَ حَتَّى يُبَايِعَ عِوَضَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ، وَقِيلَ: إنْ اعْتَبَرْنَا الْإِذْنَ أَعَادُوا، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إنْ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فَمَاتَ لَمْ تَقُمْ حَتَّى يُبَايِعَ عِوَضَهُ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلَدٍ فَأَقَامُوا فِيهِ الْجُمُعَةَ فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ

الصفحة 398