كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

أَصْحَابِنَا: إنَّ تَتْمِيمَ الْعَدَدِ وَإِقَامَةَ الْجُمُعَةِ إنْ قُلْنَا: تَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِينَئِذٍ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ قَالَ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ قَوْلُهُ (إلَّا لِلْإِمَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ وَصَحَّحَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا، وَتَسْقُطُ عَنْهُ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالرُّخْصَةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ عَنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَعِنْدِي أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَسْقُطُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ بِحُضُورِ الْعِيدِ، مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ، وَتُقَامُ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ السُّقُوطِ عَنْ الْإِمَامِ: يَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ، فَتَصِيرُ الْجُمُعَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ تَسْقُطُ بِحُضُورِ أَرْبَعِينَ. انْتَهَى. وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهَا: فَحَكَوْا ذَلِكَ رِوَايَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ الْوُجُوبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مُخْتَصًّا بِالْإِمَامِ لَا غَيْرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، فَعَلَى هَذَا: إنْ اجْتَمَعَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ لِلْجُمُعَةِ مَعَهُ أَقَامَهَا الْإِمَامُ، وَإِلَّا صَلَّوْا ظُهْرًا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الِاسْتِنَابَةَ.

وَقَالَ: الْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِأَيْسَرِ عُذْرٍ كَمَنْ لَهُ عَرُوسٌ تَجَلَّى عَلَيْهِ. فَكَذَا الْمَسَرَّةُ بِالْعِيدِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَقَالَ الْمَجْدُ: لَا وَجْهَ لِعَدَمِ سُقُوطِهَا مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ.
فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: سُقُوطُ صَلَاةِ الْعِيدِ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَسَوَاءٌ فُعِلَتَا

الصفحة 404