كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا رَاتِبَةٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ: هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ظُهْرًا مَقْصُورَةً فَتُفَارِقُهَا فِي أَحْكَامٍ، كَمَا أَنَّ تَرْكَ الْمُسَافِرِ السُّنَّةَ أَفْضَلُ لِكَوْنِ ظُهْرِهِ مَقْصُورَةً وَعَنْهُ لَهَا رَكْعَتَانِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
قُلْت: اخْتَارَهُ الْقَاضِي مُصَرِّحًا بِهِ فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ نَفْيِ الْبِدْعَةِ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ أَرْبَعٌ بِسَلَامٍ أَوْ سَلَامَيْنِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَيْضًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكَعَاتٍ. وَقَالَ: رَأَيْته يُصَلِّي رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَإِذَا قَرُبَ الْأَذَانُ أَوْ الْخُطْبَةُ: تَرَبَّعَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: رَأَيْته إذَا أَخَذَ فِي الْأَذَانِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا قَالَ وَقَالَ: أَخْتَارُ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا سِتًّا. وَصَلَاةُ أَحْمَدَ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
قُلْت: قَطَعَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ صَلَاةِ أَرْبَعٍ قَبْلَهَا، وَلَيْسَتْ رَاتِبَةً عِنْدَهُمْ، وَقَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَأَقَلُّ سُنَّةٍ قَبْلَهَا رَكْعَتَانِ، وَلَيْسَتْ رَاتِبَةً عَلَى الْأَظْهَرِ قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ: الصَّلَاةُ قَبْلَهَا جَائِزَةٌ حَسَنَةٌ، وَلَيْسَتْ رَاتِبَةً فَمَنْ فَعَلَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَرَكَ يُنْكَرْ عَلَيْهِ قَالَ: وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ كَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ تَرْكُهَا أَفْضَلَ إذَا كَانَ الْجُهَّالُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا سُنَّةً

الصفحة 406