كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

رَاتِبَةٌ، أَوْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، فَتُتْرَكُ حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً وَلَا وَاجِبَةً لَا سِيَّمَا إذَا دَاوَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَيَنْبَغِي تَرْكُهَا أَحْيَانًا. انْتَهَى. وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ، بَلْ مَالَ إلَى الِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجُمُعَةِ فِي يَوْمِهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا، وَأَوْجَبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى مَنْ لَهُ عَرَقٌ أَوْ رِيحٌ يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْ سَائِرِ الْأَغْسَالِ، سِوَى الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ آكَدُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ قَوْلُهُ (فِي يَوْمِهَا) اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْغُسْلِ: بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ سَحَرًا، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَآخِرُ وَقْتِهِ إلَى الرَّوَاحِ إلَيْهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِ، إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ أَفْضَلَهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ إلَيْهَا وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ.

الصفحة 407